التجميل

الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

اليوم 246

كثيرا ما نسمع عن مصطلح الرجل المناسب في المكان المناسب ، وهو فيما أصبحت أرى مصطلح أقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة . كثيرا ما نرى مسئولين يتولون مهام القيادة في مواقع إدارية في الوزارات والشركات والمؤسسات وهم يتخبطون في أداء متطلبات تلك المواقع . وأنا أتساءل كثيرا عن الفارق بين الطموح والمخاطرة عندما يتعلق الأمر بتولي مهمة ما أيما كانت هذه المهمة . واليوم سيطر على ذهني هذا التساؤل عندما كنت أراجع أداء أحد المسئولين الذين تم تكليفهم بتولي موقع إدارة أحد أقسام العمل في المكتب ، فوجدت أنه لم يتمكن من استيعاب متطلبات تلك المهمة بالشكل المطلوب ، ووقع في كثير من الأخطاء التي أحدثت كثيرا من الإرباك لسير العمل . هذا الشخص أعرفه على المستوى الشخصي تمام المعرفة ، وأحمل تجاهه ثقة مطلقة في جانب الصدق والأمانة والولاء . ولكن ذلك ليس كل شيء ، والكفاءة تمثل عنصرا لا يقل أهمية عن الأمانة ، ونقص أحدهما يوقع ذات الضرر والخلل . كم هو صعب أن يجد المرء ذلك القوي الأمين ليوكل إليه أداء مهمة ما ، ولكن الأصعب هو أن يعترف المرء بنقص قدرته على تولي المسئولية في أمر ما . قلت لهذا الرجل اليوم ماذا لو أنني طلبت منك قيادة طائرة مثلا أو إجراء عملية جراحية ، فهل كنت ستقبل أداء هذه المهمة . المشكلة أن بعض المهام تبدو وكأنها أقل شأنا وأسهل على التناول والتجربة من تلك المهام التي تتسم بالتخصص . وحال الهندسة والعمارة مثلا يمثل نموذجا لذلك التخصص المستباح الذي يدلي الجميع فيه بدلائهم من واقع الخبرة والممارسة بعيدا عن التخصص والتأهيل المهني . الأمر ذاته ينطبق على الأعمال الإدارية بمختلف أشكالها ، فكثيرا ما نرى أشخاصا يتولون مسئولية الإدارة في مهام مختلفة دون معرفة حقيقية بالمتطلبات المهنية والمهارات اللازمة لأداء هذه المهام . ولأن هذا المجال على وجد التحديد هو مجال يفتقر إلى التخصص ، ويندر فيه إيجاد الكفاءات الأمينة القادرة على أداء هذه المهام ، فإن صاحب العمل يجنح أحيانا إلى تكليف من يثق بهم لتولي مثل هذه المهام ، ليصدم في النتيجة بقصور أدائهم وعجزهم عن أداء مهامهم بالرغم من إخلاصهم وأمانتهم . السؤال هنا ، لماذا لا يعترف مثل أولئك بقصور قدرتهم على أداء مهام يعلمون مسبقا أنهم لا يقدرون على أدائها كما يجب ، ولماذا تقصر الأمانة هنا عن إعلان هذا القصور والانسحاب بشرف من مثل هذا التكليف . والحقيقة أن الأمانة التي تكون أحيانا أحد عوامل الاختيار لتكليف شخص ما بمهمة ما يصيبها الخلل عندما ينبري هذا الشخص لهذه المهمة وهو يعلم أنه غير قادر على إنجازها . ومن هنا ، فإن الطموح والرغبة في التطور والحرص على خدمة الكيان الذي ينتمي إليه الشخص ما يلبث أن ينقلب وبالا على الجميع ، لا لشيء إلا لأن ذلك المكلف لم تسعفه أمانته ليعتذر عن أداء مهمة ليس كفوءا لأدائها . وصدق من قال " نصف العلم لا أدري " .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق