التجميل

الخميس، 5 يناير 2012

اليوم 345

مجتمعنا يتصف بأنه مجتمع محافظ ، وهذا أمر لا يجب أن يضايق أحدا ، ولا يعد بالضرورة وصمة عار . ولكن مشكلتي هي في ظاهرة التصنيف والحكم الظاهري على الآخرين استنادا إلى مشاهد ومواقف يعدها البعض خارجة عن تقاليد المجتمع وأعرافه ، وهي التي تمثل أطرا أضيق من محددات الدين في بعض الأحيان . فمثلا ، مسألة تغطية الوجه للمرأة مسألة خلافية في التفسيرات الدينية ، وأغلب الآراء تقول بأنها ليست من واجبات الدين ، وأن الحجاب الشرعي لا يفرض تغطية الوجه . ومع ذلك ، فإن تغطية الوجه تعد مطلبا في المجتمع السعودي ، وخاصة في بعض المدن الأقل انفتاحا على الثقافات الأخرى ، وهي ممارسة تنبع من العرف والتقاليد ، مع أن ممارسيها والمتمسكين بها يلبسونها ثوب الدين . والمرأة التي تكشف وجهها تصبح وجهة لنظرات الآخرين المعترضة ، وربما حتى لمبادرة بحديث مباشر يوجه لها النصح أحيانا واللوم أحيانا أخرى على ما اقترفته من خطأ . أنا هنا أتحدث عن أمر يشوبه شيء من الاختلاف في الحكم الديني ، فماذا عن أمور أخرى لا علاقة لها بالدين . سيارتي التي اشتريتها قبل أكثر من سنة هي ذات سقف قابل للكشف ، واخترتها عن رغبة دفينة قديمة منذ أيام الشباب ، ورأيت أنها تتيح لي المجال لأستمتع بالهواء الطلق عندما لا تكون الرياض غارقة في الغبار أو ملفوحة بموجة حر حارق أو برد قارس . ومنذ أن اشتريت هذه السيارة ، وفي كل مرة أقودها وهي مكشوفة السقف ، أجد من المارة في الطرق نظرات تتفاوت بين الإعجاب أحيانا والاستغراب أحيانا . ولكنني أواجه أحيانا بنظرات أو توجه لي عبارات تعبر عن الامتعاض عن هذا الاجتراء على المشهد المحافظ الذي يرون أنني شوهته بهذه الصورة . بعد ظهر اليوم كنت وزوجتي في جولة في سيارتي المكشوفة لقضاء بعض شئوننا ، وبينما كنت متوقفا عن إحدى إشارات المرور إذا بشخص في سيارة مجاورة يخرج آلة تصويره ويلتقط صورة لنا هكذا دون سابق إنذار . تعجبت كيف سمح هذا الأخ لنفسه بأن يجتريء على خصوصيتنا دون إذن ، وهل كان سيرضى أن ألتقط صورة له في سيارته لو كانت زوجته بصحبته . نزلت من السيارة وتوجهات إليه أسأله عما يفعل ، فقال أن السيارة أعجبته فأراد تصويرها . قلت له أن له إن أراد أن يزور معرض السيارات ويصور مثل هذه السيارة وغيرها إن أراد ، ولمته على فعلته التي اعتبرتها من قبيل قلة الأدب . هذا الموقف ، مع أنه أزعجني في لحظتها ، إلا أنني أغفلته وأضفته إلى رصيد كبير من المواقف المشابهة التي أعيشها أحيانا في هذا البلد إما في سيارتي المكشوفة أو إن خرجت مرتديا قميصا وبنطالا بدلا من الثوب السعودي أو في أي حالة يعدها البعض غير مألوفة وخارجة عن التقاليد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق