التجميل

الأحد، 15 يناير 2012

اليوم 355

خبرالتوقيع على عقد تنفيذ قطار الحرمين الذي سيصل المدينتين المقدستين يوم أمس أسعدني كما أظن أنه أسعد الكثيرين ، كون هذا القطار كان مطلبا وحلما لفترة طويلة للتيسير على المتنقلين بين المدينتين لأداء مناسك الحج والعمرة . هذا الخبر سيجد كثيرا من التعليقات خاصة حول قيمة العقد التي بلغت أكثر من ثلاثين مليار ريال ، وهي بكل تأكيد قيمة مرتفعة جدا بالمقارنة مع المعدلات العالمية . ومع ذلك فإنني أكرر موقفي الذي يقدم غض البصر عن تكاليف مثل هذه المشروعات الحيوية مقابل تحقيق تنفيذها بالشكل المطلوب ، وهو ما يمثل صلب الموضوع بشكل أساسي ، إذ أن أخشى ما أخشاه أن ينضم هذا المشروع إلى قائمة المشروعات المتعثرة ، وأن يطول انتظار تنفيذه كما هو الحال في مشروع مطار الملك عبد العزيز بجدة . وزير المالية أدلى اليوم بتصريح أكد فيه أن ترسية هذا العقد تمت بنزاهة وبأعلى درجات الشفافية ، وكأن الوزير علم أو خشي أن تطال الظنون والشكوك ترسية هذا العقد إن علمنا من يقف وراء الشركة المنفذة التي فازت بهذا العقد . وبالنسبة لي ، فإن ترسية هذا العقد على هذه الشركة يمثل اختراقا للحالة المستمرة في ترسية العقود الكبرى على عدد محدود من الشركات التي يعرفها الجميع ، خاصة وأن هذه الشركة تقود ائتلافا يضم شركة فرنسية متخصصة في مشاريع السكك الحديدية . الخطوة التي كثيرا ما أتمنى أن تتبناها الدولة في مثل هذه المشروعات الكبرى هي أن يفسح المجال لتوظيف مدخرات المواطنين وصغار المستثمرين لتحقيق شيء من المكاسب المجدية لهم بعد أن عصفت كوارث الأسهم بهم وحشرت كثيرا منهم في ضوائق الديون . ألم يكن من الممكن تأسيس شركة خاصة لتنفيذ هذا المشروع ليطرح جزء من ملكيتها للاكتتاب العام ، على أن تكون الشركة المنفذة شريكا في هذه الشركة . هذا النموذج يمكن أن يحقق للشركة أيضا تدفقا نقديا جيدا يمكن أن يدعم قدرتها على تنفيذ المشروع عوضا عن انتظار دفعات وزارة المالية أو طرق أبواب البنوك لطلب التمويل . المشكلة أن المشروعات التي تطرح للاكتتاب العام في العادة هي تلك التي تحمل كما كبيرا من المخاطر ، بما فيها شركات المدن الاقتصادية التي هوت أسعار أسهمها إلى ما دون سعر الاكتتاب . أما الشركات الرابحة فتظل حكرا على ملكية أفراد أو مجموعات عائلية ليفوزو بما تحققه من أرباح ومكاسب بأرقام كبيرة . وأنا أجزم أن هذا النموذج سيحقق طفرة كبيرة في إدارة الإنفاق الحكومي الذي يشهد في السنوات الأخيرة تصاعدا مستمرا حتى يحقق مزيدا من الرخاء عبر إيصاله إلى شريحة أكبر من المواطنين بدلا من حصره على عدد من الشركات الكبرى لا يتعدى أصابع اليد الواحدة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق