التجميل

الاثنين، 2 يناير 2012

اليوم 342

أجواء الرياض اليوم جميلة دافئة على غير العادة في مثل هذا الوقت من العام . أحد ضيوفنا القادمين من لندن بلد الضباب عبر عن تعجبه من هذه الأجواء ، وقال أنه بدأ يشك أنه هو أيضا سافر عبر الزمن ، فهو لا يكاد يصدق أننا في شهر يناير الذي ترك لندن تعاني فيه بردا زمهريرا وأجواء مطيرة . بعد الظهر وجدت لزاما علي أن أقوم بزيارة إلى فرع البنك الذي أتعامل معه لإنجاز شيء من شئون العمل ، ورأيت أن أمارس شيئا من الرياضة في هذه الأجواء الجميلة فقررت أن أترك سيارتي في موقفها وأذهب إلى فرع البنك سيرا على الأقدام ، وهو لا يبتعد عن موقع المكتب أكثر من كيلومتر واحد . ونحن في الرياض نكاد نتنقل بالسيارات حتى داخل المنازل ، وهو ما جعلنا أحد أكثر شعوب الأرض معاناة من أمراض السمنة المفرطة والسكر وغيرها من أمراض العصر . ولأنني عشت تجربة سابقة ناجحة لإنقاص الوزن ، فإن النصيحة التي أبذلها دوما لضحايا السمنة هي محاولة تغيير نمط الحياة في أبسط تفاصيلها لبذل شيء من الجهد الذي يساهم في حرق تلك الشحوم المتراكمة في أجسادنا من نمط غذائي مشبع بالدسامة والنشويات . فأنا مثلا أوقف سيارتي بعيدا عن المكان الذي أريد زيارته لأسير بعض الخطوات الإضافية ، وأستخدم السلالم للصعود بدلا من المصاعد الكهربائية عندما أريد الصعود لطابقين أو ثلاثا ، وهلم جرا . ومع ذلك ، فإنه لم يسبق لي أن قطعت مثل هذه الرحلة القصيرة الطويلة التي قطعتها اليوم في طريقي إلى البنك ، والتي شعرت فيها أن السير على الأقدام في شوارع الرياض كتسلق جبال الهملايا أو السباحة في بحر متلاطم الأمواج . والجبال هنا هي تلك الأرصفة العشوائية والحفر المتناثرة التي تتباين صعودا وهبوطا ، أما الأمواج فهي تلك السيارات التي تتسابق في الطرق متجاهلة كاميرات ساهر العتيدة ناهيك عن المشاة المساكين الذين يريدون عبور الشارع . طريقي إلى البنك يمر ببعض المباني المستأجرة من قبل بعض الدوائر الحكومية ، وكذلك بعض المعارض التجارية . وفي كليهما كانت سيارات المراجعين والمتسوقين تصطف بعشوائية غريبة ، حتى أن بعض السيارات كانت موقفة بعيدا عن الرصيف حتى لا يأتي سائق آخر فيوقف سيارته خلفها فيغلق أمامه طريق الخروج ، ومع ذلك فإن هذا الأسلوب لم يكن ليمنع ذلك ، حتى لو وصلت السيارات المتوقفة في صفوف متتابعة لوسط الطريق وسدت المجال أمام السيارات العابرة . وصلت إلى البنك أخيرا فتنفست الصعداء وحمدت الله على السلامة ، وقررت بعد أن أنهيت ما جئت لإنجازه أن أوقف سيارة أجرة لتعيدني إلى المكتب حتى لا أعيد الكرة في معاناة رحلة السير مرة أخرى . وحتى تتسارع الجهود التي تقوم بها أمانة الرياض لترتيب الشوارع والطرق وإعادة تهيئتها ، فإنني سأعود إلى سيارتي الحبيبة لأنجز رحلاتي مهما قصرت ، حتى لا أقضي شهيدا تحت إطارات سيارة يقودها سائق أرعن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق