التجميل

الأربعاء، 4 يناير 2012

اليوم 344

وصلت إلى الرياض عصر اليوم عائدا من جدة التي حضرت فيها ليلة البارحة اللقاء التعريفي الثالث والأخير لمرشحي لانتخابات هيئة المهندسين ، وهو الذي زادني قناعة بغياب الفهم الحقيقي للممارسة الديموقراطية وثقافة الانتخاب ، وأن مجتمعنا لا زال أمامه الكثير ليتعلمه في هذا المضمار . ما أحزنني أنني كنت أتوقع تطورا في الفهم في الدورة الانتخابية الثالثة لهذا المجلس في قطاع يمثل أحد قطاعات النخب في المجتمع ، ولكنني وجدت المصالح الشخصية طاغية على طروحات كثير من الناخبين ، علاوة على الفقر الذي شاب آليات الدعاية والتعريف بالمرشحين ، والتي لن تؤسس لانتخابات حقيقية تقوم على فهم كاف لخططهم وبرامجهم . الحيرة التي عدت بها من جدة تفاقمت بينما كنت أطالع صفحات الجرائد أثناء رحلة العودة ، خاصة في ظل تضارب عدد من المشاهد التي رأيتها وسمعت عنها خلال الأيام الماضية . فمن جهة ، تشهد المملكة غدا يوما تاريخيا للمرأة السعودية ببدأ تطبيق إلزام تشغيل النساء في محلات المستلزمات النسائية ، وهو القرار الذي يبدو أنه يشهد جدية في تطبيقه من قبل وزارة العمل والجهات المختصة . وتصريح وزير الثقافة والإعلام الذي صدر اليوم حول موضوع إنشاء دور سينما في المملكة يصب أيضا في ذات اتجاه الإشارة إلى الانفتاح الذي يشهده المجتمع بمباركة من الدولة . ومن جهة أخرى ، نسمع عن تصريح مفتي عام المملكة بتجريم عمل المرأة في محلات المستلزمات النسائية ، وخطأ هذا القرار بالرغم من صدوره من قمة هرم القيادة في المملكة . سمعت أيضا عن مشاهد لتفاقم سطوة رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جدة التي عرفت دوما بأنها أقل مدن المملكة عرضة لسطوة هذا الجهاز ، وهي المشاهد التي شملت زيارتهم للمقاهي التي تقدم الشيشة ، وهي كثيرة جدا في هذه المدينة ، ويتم ارتيادها وتناول الشيشة فيها من الرجال والنساء على حد سواء ، إذ قامو في هذه الزيارات بمطالبة مرتادي المقاهي بوقف هذه الممارسة بدعوة حرمانيتها . هذه المشاهد المتضاربة بين توجهات الانفتاح والانغلاق أصابتني بالحيرة حول الوجهة التي يتجه إليها المجتمع ، وحقيقة موقف الدولة من هذه التوجهات . الشيء الأكيد أن الرجوع إلى الوراء لن يكون مقبولا من عامة المجتمع ، وسيخلق حالة من الصدام الذي سيؤدي إلى تعميق الخلافات بين شرائح المجتمع المنفتحة والمحافظة . والمطلوب هو أن تعلن الدولة صراحة عن موقفها من هذه المشاهد ، وأن تسارع إلى اتخاذ قرارات تحسم الجدل حول الموضوعات الخلافية ، بما فيها إنشاء دور السينما والمقاهي وقيادة المرأة للسيارة ، على غرار الموقف الحاسم الذي اتخذته من قضية عمل المرأة الذي واجه ولا زال يواجه اعتراضا من بعض رموز المؤسسة الدينية . وإلى أن يتحقق هذا المطلب ستظل حالة الحيرة هذه شائعة بين أفراد المجتمع ، مع كل ما يرافقها من مخاوف وهواجس من نكوص عن انفتاح شهده المجتمع في سنوات عهد الملك عبد الله الزاهر .

هناك تعليق واحد:

  1. (تفاقم سطوة رجال هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) على فكرة انتم في نعمة لا تقدرونها
    اول مرة في حياتي ارى اناس لديهم من يدافع عن شرفهم وعرضهم ويحميها ويقول لا اريد
    انا متابع لهذه المدونة منذ ان لفت اسمها نظري اثناء تصفحي لgoogle
    ولفت نظري تحاملكم على الهيئة.......الله يهدي الجميع

    ردحذف