التجميل

الثلاثاء، 10 يناير 2012

اليوم 350

القضية السورية شهدت هذا اليوم منعطفا خطيرا بعد أن أطلق الرئيس السوري خطابه الأول بعد فترة طويلة من الصمت المطبق ، وهو الخطاب الذي صب فيه جام غضبه على الجامة العربية وموقفها من الأزمة ، مع أن هذا الموقف لم ينل أيضا رضا المعارضة التي رأت فيه ما تصفه مساواة بين الضحية والجلاد . عبارات الرئيس السوري في خطابه ذكرتني بعبارات معمر القذافي بوصفه الثوار بحفنة من اللصوص وقطاع الطرق ، وتأكيده على عزم النظام على وأد هذه الثورة . أنا لم أجد هذا الحديث مستغربا في الحقيقة ، ولكنني تعجبت من موقف الجامعة العربية التي بادرت فور انتهاء الخطاب بإعلان إصابة أحد عشر مراقبا من فريق المراقبين الذين أوفدتهم إلى سوريا لمراقبة الوقائع على الأرض في هجوم استهدفهم يوم أمس . لم أفهم لماذا لم يصدر هذا الإعلان من الجامعة فور وقوع الهجوم يوم أمس ، أم أنها رأت أن تنتظر حتى تسمع مضمون خطاب الرئيس قبل أن تتخذ قرارها بالانقلاب عليه ، وهل أن حياة أولئك المراقبين رخيصة أمام سياسة المصالح والأهواء المتعارضة . حالة سوريا لن تكون بالتأكيد مثل بقية حالات الربيع العربي التي شهدت نجاحات متفاوتة ، وأجزم أنها ستطول قبل أن تصل إلى شكل من أشكال الحسم الذي لا يعلم أحد ماهيته ، مع أن وزير الخارجية القطري قال في حديثه يوم أمس أن الساعة لا يمكن أن ترجع إلى الوراء وأن الشعب القطري حسم أمره ، وهو الحديث الذي اعتبره الكثيرون محرجا ومعلنا بوضوح للموقف القطري المتحيز وغير المفهوم . قلت سابقا أن قيادة قطر لجهود الجامعة العربية قد أضرت بمصداقية هذه الجهود ، ويبدو أن هذه الدولة مصرة على أن تلعب هذا الدور في إطار محاولاتها المستمرة لاكتساب موقع بارز في الخريطة السياسة في المنطقة يتجاوز حجمها الحقيقي في ميزان الدول العربية . وبين منطق الرئيس السوري ووزير الخارجية القطري وضعف الجامعة العربية سيظل الشعب السوري ضحية لهذه الصراعات التي سفكت الدماء وأهدرت الموارد ، وسيظل العدو الصهيوني متفرجا ضاحكا على هذا الواقع العربي الأليم الذي أسكت الألسن عن مهازله التوسعية في فلسطين التي هي وطن القضية الأم في العالم العربي التعيس .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق