التجميل

الثلاثاء، 24 يناير 2012

اليوم 364

أحد الإخوة الكرام قراء هذه المدونة علق على ما كتبته قبل يومين عن الإخوة السعوديين في بنتوتا ، وسألني مستهجنا إن كنت أدعو بما كتبت السيدات السعوديات إلى نزع عباءاتهن . وأنا لا أدري في الحقيقة من أين أتى هذا القاريء بهذا الاستنتاج ، خصوصا وأنني قلت أنني مقتنع بمبدأ الحرية الشخصية . ولكنني تساءلت عن مدى ملائمة اختيار من هم يحملون قناعات محافظة لمثل هذه الأماكن التي تشهد كثيرا من الممارسات التي تتعارض مع تلك القناعات . ثم أنني لم أستطع أبدا أن أفهم لماذا تعد العباءة السوداء الوسيلة الوحيدة للحجاب ، وهل أن كل النساء في البلدان الإسلامية مخطئات باختيار أردية أخرى تحقق شروط الحجاب والحشمة غير العباءة . المسألة هنا في رأيي هي مسألة أعراف وتقاليد وليست مسألة قيود دينية ، وبعضنا يتنطع في تطبيق الأعراف التي أحيانا ما تكون أكثر تقييدا من ديننا الإسلامي الذي هو دين اليسر والسماحة . واليوم رأيت دليلا عمليا على ما أقول ، فنساء إحدى الأسر السعودية المقيمة في فندقنا في بنتوتا كن محافظات على الحجاب الكامل بالعباءة وغطاء الوجه منذ وصولهن قبل يومين . واليوم رأيت بعضهن جالسات على جانب حمام السباحة وقد كشفن عن وجوههن  . والأغرب أنني لاحظت أنهن كن يغطين وجوههن كلما مر بالقرب منهن رجل يبدو لهن أنه سعودي ، بينما لا يحركن ساكنا إن مر أحد من أية جنسية أخرى . تعجبت من هذا الموقف ، وقررت أن أتحرى الأمر أكثر ، فمررت بقربهن وأنا أتحدث في هاتفي الجوال باللغة الانجليزية فلم يحركن ساكنا بالرغم من وقوفي مواجها لهن ، وعندما تحدثت بلهجتي السعودية انتبهن وانقلب حالهن ، وبادرن بتغطية وجوههن وتفقد عباءاتهن بشكل مرتبك . عندها أيقنت أن مسألة الحجاب إنما هي مسألة شكلية مرتبطة بالأعراف الخاصة بالسعوديين دون غيرهم ، وإلا فإن كشف الوجه إن كان محرما في قناعة أولئك النسوة فإنه يبقى محرما على كل الرجال وليس السعوديين منهم فحسب . على أية حال ، لا أعتقد أنه بخاف على أحد أننا شعب متعدد الأقنعة والأمزجة ، وربما أكون أنا أيضا على هذه الشاكلة رغما عني أو دون انتباه مني . وأنا الآن قد غادرت هذه البلدة الجميلة في طريق العودة إلى الرياض التي سأصلها بإذن الله مساء الغد ، وأرجو أن أكون قد تعلمت درسا في كيفية العيش ببساطة ودون أقنعة ، على الأقل لأرفع عن نفسي وعن غيري عناء التكلف وعبء تعدد الشخصيات .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق