التجميل

الأربعاء، 11 يناير 2012

اليوم 351

كثيرا ما أشاهد في هذه الحياة مواقف ومشاهد تنضح بالتناقضات والتعارضات المخلة ، وهي في كثير منها تلقائية الطابع ولا تعبر بالضرورة عن حالة من التعمد والتخطيط المسبق ، ولكنها تعبر عن حالة من الخلل في التركيبة النفسية لهذا المجتمع . واليوم بدأت يومي بصحبة أسرتي بحضور مقابلة شخصية للحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، وهي تجربة وجدت فيها كثيرا من التطور الذي أزاح كما كبيرا من المعاناة التي عشتها في آخر مرة تقدمت فيها بطلب الحصول على تأشيرة دخول لهذا البلد في العام 2006 . فالطلب يتم تقديمه عبر موقع السفارة على الانترنت ، والمقابلة تتم وفق موعد محدد مسبقا دون الحاجة للانتظار خارج مبنى السفارة في تلك الطوابير الطويلة التي كنا نراها في الماضي ، والأهم أن المقابلة تمت في موعدها ، ولم تستغرق أكثر من ساعة واحدة من وصولنا إلى مبنى السفارة حتى خروجنا منه . بعد ذلك ذهبت لحضور مؤتمر في فندق ريتز كالتون الذي يقع قريبا من حي السفارات ، وهو مؤتمر مخصص للحديث عن معالجة الفقر نظمته إحدى مؤسسات التنمية خليجية التشكيل سعودية التمويل والإدارة . عندما وصلت إلى الفندق وبعد أن حضرت جلسات المؤتمر سيطر علي شعور بالامتعاض من هذا التناقض العجيب ، فالمؤتمر الذي يناقش معالجة الفقر تم تنظيمه في أفخر فنادق الرياض وأغلاها ثمنا ، ومعظم حضور المؤتمر هم من النخبة المخملية الذين اصطفت سياراتهم الفارهة أمام مدخل الفندق . امتعاضي زاد عمقه عندما تأخر بدء أعمال المؤتمر ساعة كاملة في انتظار حضور راعي المؤتمر وضيوفه الكرام ، وحتى بعد وصولهم لم يخطر في بال أحد منهم أن يقدم للحضور الذين امتلأت بهم مقاعد القاعة ولو كلمة اعتذار أو تفسير واحدة عن هذا التأخير ، فتذكرت تلك الدقة في المواعيد التي رأيتها صباح اليوم في السفارة الأمريكية بالرغم من كل تلك الإجراءات الأمنية والفوقية التي اعتدنا عليها من موظفي تلك السفارة . حالة التناقض هذه ليست إلا صورة مكررة نراها في كثير من المواقف والقضايا ، وأجزم أنها تمثل سببا لقصور التعاطي مع تلك القضايا . فأزمة العقار تديرها لجان عقارية جل أعضائها من العقاريين المتخمين الذين لا يكترثون للأزمة ، بل ويستفيدون من تفاقمها أيضا ، ومشاكل المرور يديرها مسئولون تفتح لهم الطرقات منسابة دون أن يعيشو معاناة الازدحام في طرق الرياض المختنقة ، والقائمون على التعليم العالي يرسلون أبناءهم للدراسة في جامعات ومعاهد خارج المملكة ، وهلم جرا . هذا الواقع الذي يعيش فيه المسئولون في أبراج عاجية بعيدا عن القضايا التي يفترض بهم أن يعالجوها لا يمكن أن تؤدي لا إلى فهم تلك القضايا ولا إلى معالجتها بالفعالية المطلوبة . وبالتالي ، أخشى أن تظل قضية الفقر عنوانا لمؤتمرات ولقاءات لا تسمن ولا تغني من جوع ، اللهم إلا من وجبات غداء فارهة مخصصة لضيوفها من علية القوم .

هناك تعليق واحد:

  1. المثل يقول اللي يده في النار ليس كمثل اللي يتصلى عليها يجب أن يكون حضور هذا المؤتمر الذي الذي عقد ليعالج مشكلة الفقر من الفقراء أنفسهم يتناقشوا فيما بينهم ويضعوا التوصيات ووجهات النظر والحلول الممكنة في ضوء مطالبهم المتواضعة وتقدم هذه التوصيات إلى من دعى لهذ المؤتمر لتوفير الآلية التي تخرج بهذه التوصيات إلى حيز التنفيذ

    ردحذف