التجميل

الجمعة، 11 مارس 2011

اليوم الخامس والأربعون

يوم الجمعة يكون يوما هادئا في العادة ، وبرنامج الجمعة يبدأ عادة بعد الصلاة بالخروج مع الأسرة لتناول الغداء في أحد المطاعم أو المراكز التجارية . اليوم أصابنا التردد في الخروج في ظل المخاوف من المظاهرات التي دار الحديث حول انطلاقها بعد الصلاة . قررنا في النهاية الخروج كالمعتاد وتجاهل هذه المخاوف ، وجدنا الطرق خالية تقريبا من المارة ، والمطعم الذي اخترنا الذهاب إليه لم يكن فيه سوانا وعائلة أخرى ، مع أنه في العادة يكون مزدحما لدرجة أن مدة الانتظار تزيد على نصف الساعة . عدنا إلى المنزل ولم يحصل شيء حتى الآن ، ولكن لاحظنا تزايد جولات طائرات الهليكوبتر في سماء المدينة ، فبدا أن الأحداث تأجلت إلى ما بعد صلاة العصر . أيضا لم يحصل شيء ، واقتربت صلاة المغرب ، حينها بدأت السماء ترعد وتزمجر برعد مخيف وريح عاتية . بعد المغرب انسكب المطر منهملا بشكل غريب ، لم أر مثل هذا المطر منذ فترة طويلة ، ولم أر مثل حبات البرد هذه وقد أحالت أرض الحديقة ووشوارع الحي إلى بساط أبيض ذكرني بأجواء باريس في شتاء العام الماضي . أكيد طبعا أن هذه الأمطار أحالت احتمال انطلاق المظاهرات إلى سراب . وبقدر ما كان منظر المطر وحبات البرد ممتعا بجماله الأخاذ ، ومع أني قاومت وعكة البرد التي أصابتني يوم أمس وخرجت أؤنس ناظري بهذا المنظر ، بقدر ما عصف بذهني سؤال محير . السؤال هو ، هل تصادف هطول هذه الأمطار بهذا الكم والكيف ، وبكل كم البرد الذي كان لا يمكن لأحد أن يقف تحته ، هل تصادف مع التوقيت المحدد لانطلاق المظاهرات ، أم أنها كانت هبة من هبات الله عز وجل ، أراد أن يغسل بها نفوس الناس ، ويزيح بها ما سيطر عليهم من خوف ؟ . الشيء الوحيد الذي أخشاه أن يستخدم أحد هذا المطر ليشيع شعورا بأن أحدا ما تحت الحماية الإلهية ، وأن يفسر هذه الصدفة على أنها معجزة ذات دلالة ، وأن تكون أمطار اليوم مبررا لتجاهل المطالب التي عبر عنها الناس بكل طبقاتهم ، سواء كانو من دعاة التظاهر أم من معارضيه . المشكلة أن لا أحد يمكنه أن يعتمد على تقديرات وتوقعات مصلحة الأرصاد ، وإلا لكان دعاة التظاهر اختارو لهم يوما آخر غير هذا اليوم المطير .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق