أحد أسباب اختيار توقيت زيارتي إلى دبي هذه المرة هو دعوة تلقيتها لحضور المؤتمر العربي الثالث للتنمية العقارية والعمرانية ، والذي تنظمه وتشرف عليه دائرة الأراضي والأملاك بمشاركة من مركز دبي المالي . المؤتمر غلب عليه الحديث الإعلامي في معظم جلسات اليوم الأول ، وكان واضحا أن أحد أهداف المنظمين هو محاولة إعادة الثقة إلى سوق العقارات الذي عصفت به الأزمة المالية العالمية . كانت إحدى أفضل المحاضرات تلك المحاضرة التي قدمها خبير بريطاني بإحدى شركات الاستشارات العقارية ، وتناول فيها تقييما مجملا لتوجهات سوق العقارات في معظم الدول العربية . في ختام المحاضرة طلبت الحديث كعادتي في المشاغبة في مثل هذه المؤتمرات ، وقلت للمحاضر إن تقييمه توصل إلى نتائج أتفق معه في معظمها ، إلا أن استناده إلى التأثير المباشر للأحداث الراهنة في عدد من الدول العربية لا يمكن أن يكون أساسا لتقييم توجهات سوق العقار . ولا يعقل أن يفقد سوق البحرين مثلا لمجرد أنه يمر بظروف مؤقتة . كما أنه لا يمكن أن يفقد سوق مصر جاذبيته متجاهلا كل عوامل النجاح التي أهمها الطلب الحقيقي المستند إلى القوة البشرية لمجرد أنه يشهد تغييرا في نظام الحكم . من الواضح أن طرح المحاضر كان الغرض منه الإيحاء بأن الاستقرار الأمني والسياسي الذي تعيشه الإمارات يجعل منها ملاذا آمنا للاستثمارات العقارية مستفيدة من المشاكل التي تعاني منها الدول العربية الأخرى . وهذا الطرح يندرج في مجمل سياق المنحى التسويقي الذي طبع المؤتمر . ومع أني لا أتفق مع هذا التوجه وهذا التوظيف غير المهني لمثل هذه المحافل ، إلا أنني أسجل إعجابي بما تقوم به أجهزة الدولة من جهود لمحاولة إعادة الحياة إلى سوق العقارات فيها ، مع أنه سوق مفتعل ولا يقوم على أي طلب حقيقي . وفي المقابل ، نعيش في المملكة حالة من الركود الممل في سوق العقار ، في مواجهة طلب حقيقي وواقعي ومبرر ، ولا تجد هذه الحالة أي تحرك رسمي من أي من أجهزة الدولة المعنية ، وكأن هذا الوضع لا يعنيها . فهل لأحد يا ترى من مصلحة في هذا الركود ، أم أن هذا الواقع هو استمرار لحالة سوء الإدارة الذي نعاني منه في كل القطاعات ؟ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق