تمر في حياة الإنسان أحيانا مشاهد وصور توقظه من سبات الغفلة عن حقيقة أن هذه الدنيا فانية ، وتذكره بأن الجري اللاهث وراء الرزق ليس كل شيء في هذه الدنيا . وبعض هذه تحمل في طياتها صورا من الظلم الفادح من الإنسان لأخيه الإنسان ، أعظم مما نراه في الصور التي نراها هذه الأيام من ليبيا واليمن وعدد من الدول العربية الأخرى . اليوم اتصل بي أحد الأصدقاء من أهل فلسطين المقيمين في المملكة ، وهو على حد علمي أمضى في المملكة أربعين سنة على الأقل ، بما يجعله سعوديا إلى العظم ، ويحمل حس المواطنة بما يزيد على الكثيرين ممن يحملون الجنسية السعودية ، بمن فيهم أولئك المغرضين الذين سعو لتأليب الناس لإثارة شغب لم يكتب له أن يرى النور . هذا الرجل أبلغني بأنه يعاني من ورم في الدماغ ، ولا يدري بعد إن كان الورم خبيثا أم حميدا . ولأن هذه الحالة تعد حالة خطيرة لا تتوفر لدى مرافقنا الطبية الخاصة الإمكانات اللازمة للتعامل معها ، فقد طرق أبواب مستشفى الملك فيصل التخصصي بحثا عن العلاج . ابلغه المختصون في المستشفى أنه يحتاج إلى أمر من أصحاب الصلاحية لتمكينه من الحصول على العلاج في هذا المستشفى ، فبادر بالكتابة إلى وزارة الصحة مستجديا الموافقة على علاجه . ولأنه أجنبي على الورق ، بالرغم من أنه سعودي بالممارسة ، فقد رفضت الوزارة طلبه ، وأغلق بالتالي المستشفى الوحيد القادر على معالجته أبوابه في وجهه . الرجل يعاني الآن من خطر فقدان بصره قريبا ، وهو يحاول أن يجد وسيلة لتلقي العلاج خارج المملكة ، وأنا أعلم أنه سيضطر إلى أن يبيع ما فوقه وتحته ليتمكن من تغطية نفقات علاجه خارج المملكة . هذه الحالة لا يمكن أن تصنف إلا كنموذج للظلم والقسوة التي نعيش منها أشكالا متباينة في عالمنا . وأنا لا أملك له ولمثلائه إلا الدعاء بأن يتولاهم الله برحمته ، وأن يقيض الله له من أهل الخير من يمد له العون ، وما ذلك على الله بعزيز .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق