التجميل

الثلاثاء، 7 يونيو 2011

اليوم 133

موضوع تسويق المنتجات والخدمات عبر الهاتف وبأصوات نسائية جذابة أصبح ظاهرة يتزايد استشراؤها منذ سنوات عديدة ، وأصبحت في الفترة الأخيرة نمطا يكاد يحتل مساحة من يوميات كل مواطن . كنت دوما أرى في هذه الظاهرة جوانب إيجابية ، كونها تمثل أحد مجالات التوظيف للفتيات ، وتوفر لهن موردا للرزق يعينهن على قضاء شئون الحياة ، وتخيلت كيف أن بعض الشركات تجنح إلى تشغيل الفتيات من منازلهن لأداء هذه المهام بما يحقق لهن عنصر الأمان والراحة . ولكنني اكتشفت اليوم فقط أن هذه الظاهرة ليست إلا واحدة من أسوأ وأبشع حالات الاستغلال لحاجات الناس لتحقيق أغراض تسويقية بطريقة مذلة ، بعد أن تعرضت لواحدة من حالات البيع القسري لبطاقات عضوية إحدى شركات الفنادق . ما اكتشفته هو أن هذه الشركات تحدد لكل موظفة من موظفات التسويق الهاتفي حدا أدنى في الأسبوع من عدد العملاء الذي يجب على كل منهن أن تقنعه بشراء تلك السلعة أو البطاقة أو الاشتراك . وإن لم تتمكن الموظفة من تحقيق هذه الكوتة فإنها تحرم من الحصول على مرتبها عن ذلك الأسبوع ، بل ويتم إنذارها كتابيا ، ويتم فصلها إن حصلت على عدد محدد من هذه الإنذارات . وتحصل الموظفة على حوافز إضافية عن عدد الزبائن الذين تصطادهم فوق ذلك الحد الأدنى الأسبوعي . وفوق ذلك ، فإن الموظفات لا يعملن من بيوتهن كما تخيلت ، بل إن عليهن الحضور إلى موقع مكتب التسويق ومركز الاتصال على نفقتهن وبوسائل النقل الخاصة بكل منهن . معظم الشركات تمارس ذات النمط ، ومنها شركات الفنادق التي تسوق بطاقات العضوية ، والبنوك التي تسوق القروض وبطاقات الائتمان ، وشركات السفر والسياحة التي تسوق بطاقات الاشتراك ، وغيرها الكثير والكثير . ما يحصل في النتيجة أن أولئك الفتيات ، اللاتي قبلن أصلا بهذا العمل تحت ضغط الحاجة والعوز ، يجدن أنفسهن مضطرات للتعامل مع كل أنواع الزبائن وتقبل كل أنواع التعدي والاستملاح وحتى سوء الأدب . بل إن بعضهن يضطر إلى استجداء الزبون حتى يقبل العرض لتكمل به نصيبها من الكوتة لذلك الأسبوع . بل إن منهن أيضا من تتمادى في الاستجداء لتمارس شيئا من الغنج والدلال والإغراء لتستميل هذا الزبون وتزيد به عدد النقاط المسجلة بما تزيد به مقدار الحافز المادي الذي ستحصل عليه . لم أر في حياتي مثل هذا المستوى الدنيء من المتاجرة بالبشر والدعارة المقننة واستغلال حاجات الناس لتحقيق مكاسب مادية . والمشكلة ، أن هذه الشركات توظف هؤلاء الفتيات في أقسام نسائية مرخصة من مكتب العمل وتحت مباركة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وذلك لأنها تكون قد خصصت لهن مكاتب مستقلة بمداخل مستقلة مفصولة عن مكاتب الذكور في الشركة ، وهي بذلك تكون قد حققت معايير النزاهة والحماية والالتزام بالأصول الشرعية بحسب معايير هاتين الجهتين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق