التجميل

الجمعة، 24 يونيو 2011

اليوم 150

في كل يوم جمعة أثناء تواجدي في الرياض أستمع إلى خطبتين اثنتين ، الأولى في المسجد الذي أصلي فيه صلاة الجمعة ، والثانية هي خطبة الحرم المكي الشريف التي أستمع إلى بعض منها في السيارة أثناء عودتي من الأولى . وعلى مدى الأشهرالقليلة الماضية ، لاحظت تغيرا كبيرا في لغة الخطاب في الخطبة الثانية على وجه الخصوص ، فقد بدأ يطغى عليها نمط متزايد من التشدد ، وأصبحت تطرح رؤى مغايرة لتلك التي كنت أستمع إليها في السنوات الأخيرة . أذكر أن أحد الخطباء قال في خطبة استمعت إليها قبل عدة أسابيع ما معناه أن الوسطية ليست هي التوسط بين طرفين ، وإنما الوسطية هي تبني ما هو حق . تساءلت حينها عمن يملك حق تحديد ما هو الحق الذي يجب تبنيه تعبيرا عن الوسطية ، خاصة وأن أوجه الخلاف والاختلاف في شئون الدين والحياة كثيرة ومتعددة ، وبخلاف الأصول الثابتة في الحلال والحرام فإن كل شيء آخر هو محل اختلاف في الرأي . هذا الرأي الذي عبر عنه خطيب الجمعة في ذلك اليوم أثار شيئا من المخاوف في نفسي ، وتعزز هذا الشعور بعد ظهر اليوم وأنا استمع إلى خطبة اليوم التي كانت تحمل كثيرا من الهجوم والتجريم والنقد والتسفيه في موقف رأيته متحاملا بشكل تعميمي . والمشكلة ، أن خطبة الجمعة في هذا المكان بالذات لا يتم توجيهها لحضور الصلاة الحاضرين في الحرم فقط ، كما هو الحال في المساجد المحلية الأخرى ، وإنما يتم بثها إلى المسلمين في كل أصقاع العالم ، ويستمع إليها القاصي والداني من المسلمين وربما من غيرهم أيضا . وبالتالي ، فإن دائرة تأثير هذه الخطبة أوسع بكثير ، وما تتتناوله وما تعرضه من آراء يعكس اتجاها عاما يتم تلبيسه وتعميمه على كل المجتمع والدولة . هذا الواقع يتطلب حرصا كبيرا على تقنين ما يقال في هذه الخطب ، ليأتي معبرا عن مفهوم الوسطية الحقيقي الذي ترفع الدولة رايته ، ليس فقط لتفادي النقد من الدول والمجتمعات الأخرى ، ولكن لأننا نحمل مسئولية توعية وتعليم وتثقيف المسلمين في كل مكان ، وعلينا بالتالي أن ننقل لهم رؤية صحيحة للدين الحنيف ، دين اليسر والسماحة . الشيء الآخر الذي أزعجني اليوم هو تلك اللغة المتقعرة التي استخدمها الخطيب في خطبته ، فجاءت مليئة بسجع مصطنع ، ومفردات لغوية صعبة على الفهم على المثقفين ناهيك عن العامة البسطاء ، خاصة وأن كثيرا من المصلين في المسجد ، وغيرهم ممن يستمعون إلى الخطبة منقولة عبر القنوات الفضائية ، لا يتحدثون من العربية إلا أيسرها ، ولا تصلهم بالتالي تلك المعاني التي تتضمنها الخطبة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق