التجميل

الأحد، 12 يونيو 2011

اليوم 138

رحلة جدة كانت بحق مضيعة للوقت والجهد لولا أن حظيت بمقابلة بعض الإخوة الذين لم أرهم منذ فترة ، والتعرف على عدد آخر من الجمع القليل الذي يعد على أصابع اليد الواحدة الذين استقطبهم حدث سيتي سكيب جدة لهذا العام . وقد عقدت العزم على أن أسقط هذا الحدث من جدولي ، بعد أن كنت قد أسقطت نموذجيه الآخرين في دبي وأبو ظبي من قائمة الأحداث التي أوليها اهتمامي ومتابعتي . واليوم كان المؤتمر في يومه الثاني أضعف وأقل حضورا من يوم أمس ، مع أن موضوعات اليوم كانت أكثر أهمية مما احتواه جدول الأمس . أحد الموضوعات التي تضمنها جدول اليوم كان عرضا شيقا قدمه رئيس شركة مدينة المعرفة الاقتصادية عن هذا المشروع . ومع أن عنوان الجلسة كان يوحي بالحديث عن كل منظومة المدن الاقتصادية ، إلا أنه وبمهارة خصص العرض للحديث عن مدينة المعرفة ، وابتعد عن الحديث عن بقية المدن الاقتصادية . ولكن المتحدث قال فيما قال ، أن المدن الاقتصادية صممت ليختص كل منها بعدد من محفزات التنمية التي تتلاءم مع المميزات النسبية لكل منها بحسب موقعها الجغرافي وإمكانات الإقليم الذي يضمها . وقال أيضا أن تطوير تلك العناصر التنموية التي تضمها المدن يتم عادة على المدى الطويل ، فيما يكون العنصر العقاري هو العنصر الذي يتم تطويره على المدى القصير ، ليكون العنصر الذي يحقق تدفق الموارد المالية لشركة المشروع . عندما انتهى العرض وجدتني أرفع راية الحديث بذات النمط المشاغب الذي يتهمني به الكثيرون ، إذ أنني لم أتقبل هذا الطرح الذي قدمه المتحدث . فبناء المدن لا يتم وفق منظور عقاري ، بل إن محفزات التنمية يجب أن تكون هي الأولى بأولوية التطوير ، لتعمل على خلق فرص عمل تستقطب الناس للإقامة في هذه المدن ، ليخلق وجودهم طلبا طبيعيا على المنتجات العقارية من مساكن وفنادق ومراكز تجارية وغير ذلك . أما أن يتم بناء مساكن فارهة تعرض بأسعار فلكية في تلك المواقع النائية فإنها بكل تأكيد لن تجد الإقبال المأمول ، وحتى لو تم بيعها لمستثمرين مضاربين فإنها لن تخلق وجودا بشريا يقيم في هذه المساكن ، ويخلق حياة طبيعية في هذه المدن . مدينة المعرفة التي تقع في وسط المدينة المنورة تعد استثناء من هذا الطرح ، إذ أن عناصر التحفيز التنموي قائمة فيها بالفعل ، فالمدينة فيها المطار والمصانع والمدارس والجامعات ، والدولة تعمل على بناء محطة قطار الحرمين ، وفوق كل ذلك هي تضم الحرم النبوي الشريف الذي يعد عنصر الجذب الأهم . وبذلك يكون تطوير منتجات عقارية أمرا مفهوما بل ومحبذا حتى لو سبق تطوير بقية العناصر التنموية التي يضمها برنامج المدينة . وعلى أي حال ، فموضوع المدن الاقتصادية كان ولا يزال وسيظل يحمل كثيرا من علامات الاستفهام ، خاصة وأن هيئة الاستثمار رفعت يدها عن واقع المعاناة التي تعيشها ، مما دفع وزارة المالية للتدخل لتمارس دور المنقذ في حالة مدينة الملك عبد الله الاقتصادية ، وعلى المساهمين المتضررين الاستسلام لواقع مرير لا أحد يدري ماذا ومتى سيكون منتهاه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق