التجميل

الثلاثاء، 14 يونيو 2011

اليوم 140


خرجت بعد ظهر اليوم من رحاب شركة أرامكو وأنا ممتليء بمشاعر مختلطة وأفكار متضاربة . الأكيد أن هذه الزيارة ستمدني بمواد دسمة أملأ بها صفحات مقالي الأسبوعي في جريدة الاقتصادية لأسابيع عديدة ، وعليه فأنا أتطلع إلى صبر قراء هذه المدونة الكرام حتى أسرد خلاصة تلك التجربة في مقالات الجريدة . والحقيقة أن أرامكو هي فعلا كما قيل لي دولة شبه مستقلة . وأبرز أوجه هذا الاستقلال أنها تبدو من داخل أسوارها كما لو كنت قد غادرت البلد إلى مكان آخر ذو صفات مختلفة ويعيش فيه أناس ذوو طباع مختلفة ، مع أن أكثر السكان والعاملين في هذه الدولة هم من السعوديين مثلهم مثل أولئك الذين يعيشون خارج تلك الأسوار . أرامكو بحق مفخرة وأي مفخرة ، ولكنها أيضا لا تخلو من منغصات ، فلا شيء في هذه الدنيا يدنو من الكمال . ولكنها منغصات تختلف عن ذلك النمط الذي واجهني به ذلك الجندي المرابط عند جهاز فحص الحقائب في مطار الدمام والذي اصطدمت به عند عودتي الليلة من هناك إلى الرياض . هذا الرجل أصر على أن أعود أدراجي لأقوم بإدخال حقيبتي الصغيرة إلى الشحن بدلا من حملها داخل الطائرة ، وذلك لأنها تحتوي على زجاجة الشيشة التي أحملها معي كي لا أضطر إلى البحث عن مقاهي الشباب . قلت له أنني أتيت بذات الحقيبة يوم أمس من الرياض ولم يمنعني أحد في مطار الرياض من حملها إلى داخل الطائرة . فما كان منه إلا أن رد بالعبارة الشهيرة ، هذا هو النظام إن أعجبك وإلا فلا تسافر . أبديت استغرابي من هذا النظام المكتوب في رؤوس من ينفذونه فقط ، إذ أنه لو كان نظاما جادا لنفذه موظفو مطار الرياض أيضا ، وهم في العادة أكثر صرامة ودقة في تنفيذ الأنظمة . وقبل أن أتمادي في الجدل مع هذا الجندي جذبني رفيق الرحلة بعيدا عنه رأفة بي من تصعيد للموقف أنا الخاسر الوحيد فيه . شكرته على تنبيهه لي ، وقلت له بحسرة ، الأنظمة في أرامكو مكتوبة في كل ركن وعلى كل حائط ، رأيتها اليوم بأم عيني ، فكل شيء واضح للجميع ، ولا يمكن لأحد أن يفرض أمرا أو عقوبة على أحد إلا بناء على نظام منشور ومعلن ومعروف للجميع . أيقظني صديقي من سباتي إذ قال ، انتبه يا هذا ، فقد غادرنا دولة أرامكو المستقلة .

هناك تعليقان (2):

  1. صلاح الدين الحمود15 يونيو 2011 في 3:32 ص

    لماذا لا تكون بلدنا منظمة كارامكوا ، وتكون احياؤنا كدرة الرياض او حي السفارات ، وتكون مستشفياتنا الحكومية كمستشفى التخصصي ومستشفى المملكة ، ومدارسنا الحكومية كمدارس المملكة او الملك فيصل ، وجميع طرقنا وشوارعنا كطريق الملك عبدالله وشارع التحلية . الامكانات المادية والبشرية موجودة ولكن النية ليست بعد.ارجوا من الله ان يتحقق ذلك قريبا.

    ردحذف
  2. زياد بريجاوي15 يونيو 2011 في 9:31 ص

    بعيدا عن المضمون فقد عرضت مدونتك اليوم بلغة أدبية رائعة, أرامكو أبعتدك عن الهم اليومي وعشت الحلم , أنا أنتظر مقالاتك كونها ستعرض رؤياك ورأيك في دولة أرامكو السعودية المستقة
    تحياتي

    ردحذف