التجميل

الاثنين، 4 أبريل 2011

اليوم التاسع والستون

مظاهر الهدر في مجتمعنا تمر أمام أنظارنا في كل وقت ، وكثير من الناس يمرون أمام هذه المشاهد دون أن يتحرك لهم جفن . خرجت من منزلي صباح اليوم متوجها لحضور جلسة اليوم الثاني من حلقة النقاش التي تنظمها وزارة الإسكان لمناقشة الاستراتيجية الوطنية للإسكان ، ومنذ البارحة وأنا أرتب أفكاري لأطرح وجهة نظري حول موضوع الجانب الهندسي والفني في عملية بناء المساكن ، وغياب الآليات والجهود الموجهة لإعادة النظر في أنظمة وطرق البناء في المملكة ، والسعي إلى ترشيد الهدر الناشيء عن غياب مفهوم التصميم الذكي للمباني . توقفت عن إحدى إشارات المرور المزدحمة في ذلك الصباح ، وحانت مني التفاتة إلى ذلك العامل المصري ذو اللحية البيضاء وهو يحمل في يده مفكا يستخدمه لفتح أنبوب المياه الممدود في أحد أحواض النباتات في جزيرة الشارع الوسطى . العامل استغرق وقتا وهو يحاول ضبط كمية المياه المتدفقة من الأنبوب في مشهد مضحك مبك . امتلأ الحوض حتى فاض على الرصيف ، فأغلق العامل الأنبوب ، وتركه متوجها للحوض التالي وذلك الأنبوب لا زال يقطر قطرات متسارعة من المياه الثمينة . اعتمل فكري وأنا أحسب كمية المياه المهدرة من هذا الأنبوب ، وكم من أحواض النباتات يتم ريها بهذه الطريقة البدائية ، وأين ذهبت وسائل الري الأوتوماتيكي وتقنيات التنقيط . تذكرت مشهدا آخر مررت به قبل حوالي الأسبوع في شارع موسى بن نصير ، إذ كان أنبوب مماثل يضخ المياه مندفعة لتنساب في ذلك الشارع كالسيل العرم ، ويبدو أن العامل الذي مر على ذلك الأنبوب كان قد بالغ في شده فحطم فوهته . هذه المشاهد من الهدر والإسراف تدمي القلب خاصة عندما يتعلق الأمر بالماء الذي هو مصدر الحياة . وإذا كانت مثل هذه الممارسات تصدر من الأجهزة البلدية التي يفترض أنها أكثر الجهات حرصا على الموارد الطبيعية ، فكيف لنا أن نعتب على أولئك الناس الذين يمارسون هواية هدر المياه على غسيل السيارات والأفنية ؟ . الظريف ، أن شركة المياه الوطنية تسارع إلى توقيع المخالفات عندما يرى أي من مراقبيها شيئا من الماء المنساب أمام أحد المنازل ، فهل تستطيع الشركة أن توقع مثل هذه المخالفات على الأمانة مقابل هذا الهدر الذي رأيت مثاله صباح اليوم ؟ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق