التجميل

الأربعاء، 27 أبريل 2011

اليوم الثاني والتسعون

عندما أسافر لحضور أي من المناسبات أو المؤتمرات التي يكتب لي أن أشارك فيها ، اعتدت أن أختار الإقامة في غير الفندق الذي يقام فيه الحدث الذي أحضره . ليس فقط هربا من تجمعات الحضور المشاركين في الحدث ، ولكن أيضا لأحظى بشيء من الاستقلالية ، ولأحظى بفرصة من الراحة بعيدا عن لقاءات المعارف من حضور اللقاءات . هذه المرة في رحلة عمان اخترت الإقامة في فندق يطل على البحر الميت . ومنذ الصباح ، وعندما غادرت الفندق إلى موقع المؤتمر ، كنت أتطلع إلى الضفة الأخرى من البحر الميت ، ذلك الجانب الذي يتبع للسطوة الإسرائيلية الصهيونية . ذلك المنظر لملامح بعيدة لمدينة القدس العتيقة ، ومدينة أريحا عاصمة السلطة الفلسطينية ، ومشهد المستوطنات الإسرائيلية المتناثرة على شاطيء البحر الميت ، كل تلك المناظر أشعلت في نفسي مجموعة من المشاعر الغريبة . مشاعر بالحسرة والقهر والظلم ، وأنا أرى تلك الأراضي المسلوبة على مرمى النظر . تذكرت ذلك المشهد الذي عشته قبل حوالي ثلاث سنوات ، عندما وقفت بمحاذاة سور الأسلاك الشائكة الفاصل بين مدينة العقبة الأردنية ومدينة إيلات الإسرائيلية . تملكني حينها شعور قاتل بالحسرة والإحباط ، وأنا أرى تلك الأرض التي سلبها المعتدون وهي تتلألأ ببنية عمرانية مبهرة ، في مقابل تلك المظاهر المهلهلة لبنية عمرانية متهالكة في الجانب الأردني . هذا المنظر ، والمنظر الذي شهدته اليوم ، رسخا في نفسي شعورا بالذل والضعف والقهر والإحباط . المشكلة أن هذا الشعور عشته وأنا لست إلا زائرا عابرا لهذه المنطقة ، فكيف هو شعور من هم مقيمون فيها ، وما هو نوع العواصف التي يعيشونها وهم يرون أرضهم المسلوبة على الضفة الأخرى من هذه البحيرة . ومع أن التجربة حملت هذه المشاعر المتناقضة من الراحة والسعادة من جهة ، والقهر والإحباط من جهة أخرى ، إلا أنني أجدها تجربة تستحق التكرار ، على الأقل حتى نظل نتذكر هذا الظلم ، وسأحضر أبنائي ذات يوم إلى ذات المكان ، لأريهم ولو من مبعدة أين هي القدس ، وكيف صارت مشهدا نراه من بعد ، دون أن يكتب لنا أن نراها رأي العين .

هناك تعليق واحد:

  1. جميل جداً أن تنقل لنا دائما مشاهداتك لنحسها نحن أيضا
    فلك جزيل الشكر

    ردحذف