التجميل

الاثنين، 18 أبريل 2011

اليوم الثالث والثمانون

أتجاوز في العادة الكلمات الافتتاحية الرسمية في المؤتمرات التي أحضرها ، إذ أن مثل تلك الأحاديث الرسمية من الوزراء والمسئولين لا تخرج عن خط ألفناه جميعا ، كما أن تلك الأحاديث يمكن أن أطلع عليها في وقت لاحق على صفحات الجرائد التي تتلقف عادة مثل تلك الأحاديث بالتغطية المركزة . ولكنني حرصت اليوم على أن أحضر الكلمة الافتتاحية لمؤتمر إدارة المشاريع الذي انعقد اليوم في مدينة الرياض ، وذلك لأنني أردت أن أستمع إلى ما سيقوله الأستاذ محمد الشريف رئيس هيئة مكافحة الفساد الوليدة . لم أكن أعرف هذا الرجل فيما سبق ، ولذلك أردت أن أعرف من هو هذا الذي تم تكليفه بهذا الملف الهام ، وما الذي سيطرحه من رؤى حول الفساد المتعلق بمشروعات التنمية وما تشهده من تعثر . وفي الحقيقة ، وجدت أن ذلك الحرص لم يكن في محله ، إذ أن ما سمعته من الرجل لم يقنعني بأن لديه معرفة وفهما حقيقيا لطبيعة المشكلات التي تواجه تلك المشاريع ، والأسباب الحقيقية وراء تعثرها . أو أن يكون الرجل قد فضل ألا يكسب عداءات من القائمين على الأجهزة المسئولة عن ذلك التعثر ، وعلى رأسها وزارة المالية ، فآثر أن يصمت حاليا عن الحديث حول هذا الموضوع . أو أنه لم يتسن له بعد أن يدرس حالة تلك المشاريع ليؤسس الفهم المطلوب للمشاكل المحيطة بها . ولكن المشهد الذي أصابني بشيء من الإحباط ، وزرع في نفسي المخاوف من قدرة الرجل على تناول الموضوع بما يستحقه من اهتمام واحترافية ، هو المشهد الذي تعودت عليه من غيره من المسئولين الحكوميين في مثل هذه المؤتمرات . فالرجل غادر قاعة المؤتمر فور إنهاء كلمته ، وخرج بخطر متسارعة كما لو كان يهرب من شيء يطارده . كنت أتمنى أن يكسر القاعدة ، وأن يجلس للاستماع لما سيقوله المتحدثون عن هذا الموضوع الهام ، أو على الأقل أن يفسح شيئا من المجال للنقاش مع الحضور الذين تكبدو عناء الحضور للاستماع إليه . نفس المشهد تكرر من وكيل وزارة التخطيط والاقتصاد الوطني الذي تحدث في الجلسة الأولى من جلسات المؤتمر ، وغادر قاعة المؤتمر فور إنهاء كلمته . لا أدري إلى متى سيظل هذا الأسلوب راسخا لدى المسئولين الحكوميين ، ولا أدري ما الذي يجعلهم يهربون أو يتهربون من الحديث والنقاش مع الحضور في مثل هذه المؤتمرات . ولا أدري إلى متى سيبقى هذا الانفصال بين مسئولي الدولة والمجتمع ، وكيف يمكن أن نصل إلى أية حلول لمشاكل التنمية في ظل هذا الشرخ الواسع في العلاقات .

هناك تعليقان (2):

  1. طرح جريء اخر يا م. خالد
    اعتقد انه يصنف من قائمة البنادول

    ردحذف
  2. زياد بريجاوي19 أبريل 2011 في 3:24 ص

    هل تعتقد أنهم يختارون الرجل لكفاءته أساساً بل هناك اعتبارات أخرى أهمها ولاءه لهم وعدم اثارة المشاكل والقلاقل و.... اعتبارات مشابهة .
    مثل اختيارك احياناً لموظفيك هل على أساس الكفاءة والنزاهة أم لاعتبارات اضافية , هذا حالنا جميعاً إلا من رحمه الله .تحياتي

    ردحذف