التجميل

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

اليوم 252

لم أر يوما مسئولا حكوميا يستجدي ويرجو دعما من أحد كما رأيت محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية هذه الليلة وهو يستجدي حلولا لما عرضه من مشاكل في مؤسسته .اللقاء عقد في مقر جريدة الاقتصادية في أكبر جمع من نوعه من الكتاب والصحفيين بما يعبر عن أهمية ضيف  اللقاء وموضوعه . وأنا في الحقيقة خرجت بغير النظرة التي دخلت بها اللقاء تجاه هذه المؤسسة التي تدير شأنا هاما من شئون المواطنين في هذا البلد . في هذا اللقاء تلقيت كثيرا من المفاجآت في شكل معلومات خالفت مجمل توقعاتي في بعضها ، أو أنها لم تخطر على بالي في بعضها الآخر . وهي معلومات تستحق أن يعلم عنها الصغير قبل الكبير ، خاصة وأن الصغير أخوف على مستقبله من الكبير . من هذه المعلومات مثلا أن هناك أكثر من ستة ملايين مواطن في هذا البلد ، أي حوالي ثلث سكانه من السعوديين ، لا يتمتعون بأي غطاء تقاعدي لا مدني ولا عسكري ولا ضمن التأمينات الاجتماعية ، وهو ما يعني أن هناك ستة ملايين مشروع متسول أو طالب للضمان الاجتماعي في يوم من الأيام ، مع أن عددا كبيرا منهم هم من العاملين في القطاع الحكومي على بنود غير رسمية من تلك التي افتنتها وأبدعتها وزارة المالية لتتهرب من استحداث الوظائف الحكومية الثابتة . ومن تلك المعلومات أيضا أن نسبة 35% من استثمارات المؤسسة التي تبلغ حوالي 340 مليار ريال هي استثمارات خارجية بعيدة عن منظومة الاقتصاد الوطني ، وهو ما أعده إخلالا بالوطنية الحقة في وقت يحتاج فيه البلد إلى كل قرش يمكن أن يوجه إلى تنميته والارتقاء بأهله وأبنائه . أما النسبة الباقية من تلك الاستثمارات ، والتي هي استثمارات داخلية فهي موزعة بين سندات حكومية ومساهمات في شركات مساهمية ونسبة بسيطة من الاستثمارات العقارية . ومن هذه المعلومات أيضا أن المؤسسة تواجه عجزا اكتواريا في المستقبل القريب يمكن أن يحد من قدرتها على الإيفاء بالتزامتها التعاقدية للمشتركين فيها ، وهو ما يمثل خطرا حقيقيا على الأجيال المقبلة . عندما حانت لي الفرصة للحديث في هذا اللقاء تساءلت عن دور المؤسسة وغيرها من المؤسسات في خلق فرص الاستثمار الجادة التي يمكن أن تحقق إضافة حقيقية للبنية الاقتصادية الوطنية بدلا من الاستثمار في شركات مساهمة تدور حولها الكثير من التساؤلات . وتساءلت أيضا عن دور المؤسسة في احتضان فرص الأعمال وجهود البحث والتطوير التي يمكن أن تنتج مجالات عمل يمكن أن تحقق عوائد مجزية لها . معالي المحافظ أجاب بأن هذه هي قدرات المؤسسة التي تخضع لكثير من القيود بما فيها تبعيتها لنظام الخدمة المدنية الذي يمنعها من توظيف كفاءات بشرية تقوم بالدور المأمول . خلاصة اللقاء كانت أن المؤسسة تبحث عن دعم الكتاب لمحاولاتها تعديل أنظمتها التمويلية لتجاوز مشاكلها المستقبلية . وخلاصة الحديث أيضا أنني خرجت يمادة دسمة لمقالاتي الأسبوعية في الصحيفة التي أرجو أن أقول فيها ما أريد أن أقول بعيدا عن مقص الرقيب الذي أصبح يطل بوجهه القبيح في كثير من محاولاتي الأخيرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق