التجميل

الأحد، 9 أكتوبر 2011

اليوم 257

الممثل المالي هو ذلك الموظف على درجة لا تتجاوز الدرجة السابعة وهو مع ذلك يملك أن يوقف قرار وزير . السبب في ذلك هو أن صاحب هذا الموقع هو ممثل لوزارة المالية وعينها الحارسة الأمينة على المال العام من أيدي المشبوهين في بقية وزارات وأجهزة الدولة . وهذا الموقع يخول صاحبه مطلق الصلاحيات لإيقاف أو تأخير أي إجراء مالي حتى ينال مباركته الكريمة ليجد طريقه للنفاذ ، وهو ما ينطبق على أية مناقصات أو تعاقدات أو مطالبات تستحق الصرف لأي مشروع أو نشاط من أنشطة مؤسسات الدولة . ويتواجد في كل وزارة أو مؤسسة حكومية أو شبه حكومية واحد من هؤلاء الممثلين بغض النظر عن حجم العقود والعمليات المالية التي تديرها تلك الجهة ، كما أنه لا يخضع لأية حدود زمنية أو إجراءات رقابية تمنع أية مماطلة أو تسويف أو تعطيل يمكن أن يقوم به أو يحدثه هذا الممثل المالي . هذا النمط من الإجراءات العقيمة إنما يرسخ ويؤكد كم المركزية التي تعمل بها وزارة المالية في إدارة شئون اختصاصاتها ، وهي كما نعلم جميعا تعمل كإدارة لخزينة الدولة ، ووزيرها يعمل كحامل لمفاتيحها ، ولا يمكن بأي حال أن يمر أي إجراء مالي دون الحصول على موافقته الكريمة أو من يمثلونه في بقية أجهزة الدولة . كنا قد فرحنا في الأسبوع الماضي بفوزنا في إحدى المناقصات التي طرحتها إحدى الجهات الحكومية ، حتى وردنا اليوم ما قتل هذه الفرحة في مهدها . مدير المشاريع في تلك الجهة أبلغني بأن المناقصة قد تم إلغاؤها وسيعاد طرحها بسبب اعتراض الممثل المالي على إجراءات المناقصة التي لم تتضمن طلب تقديم ضمانات بنكية بحسب التعليمات النظامية . ضربت كفا بكف ، وتحوقلت على هذا الممثل الذي سل سيف تسلطه علينا وعلى كل المسئولين في تلك الجهة . أنا لا أدري أساسا ما هو الغرض من تلك الضمانات البنكية ، وحتى مبرر إثبات الجدية هو مبرر سخيف على وجه الخصوص في حالة المكاتب الاستشارية التي تبذل كثيرا من الجهود غير القابلة للتعويض لإعداد عروض المناقصات التي تتطوع للمنافسة فيها . ثم لماذا يكون إثبات الجدية من طرف واحد ، وماذا عن إثبات الجدية من طرف العميل ، وهو الدولة في مثل هذه الحالة . المشكلة أن المناقصة قد فتحت مظاريفها بالفعل ، وانكشفت بالتالي أسعار المتنافسين فيها ، وهو ما سيشكل عنصر ضغط جديد على الأسعار عند إعادة طرح المنافسة ، وستكون كل الأسعار أقل من أقل العروض في المنافسة الملغاة . فهل تتوقع الدولة أية جودة أو جدوى من مثل هذه العقود التي تنتج من حروب الأسعار هذه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق