التجميل

الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

اليوم 274

القدرة التي يملكها العقاريون على مقاومة ضغوط السوق ظاهرة عجيبة تدفع إلى التساؤل عن مصدر هذه القدرة . أبرز مثال على هذه الظاهرة ذلك الارتفاع المتواصل في أسعار الأراضي والعقارات ، والذي ينافي ويناقض كل الأسس المنطقية والعقلانية التي تدفع باتجاه نزول الأسعار نتيجة لانحسار الطلب الناجم عن قصور التمويل الذي أنتجته الأزمة المالية العالمية ، وتباطؤ أعمال التطوير والبناء في ظل توقف كثير من المطورين العقاريين عن العمل . ولكن المضاربة التي كانت ولا زالت الدافع الأكبر لتصاعد أسعار العقار ستظل تعوق مسيرة التنمية وحلحلة أزمة السكن طالما بقي المتنفعون مستفيدين من نواتج هذا الواقع الأليم . وعلى مدى السنتين الماضيتين كان الجميع يتوقعون انخفاض إيجارات العقارات المكتبية في الرياض على وجه الخصوص بالنظر إلى كم العرض الهائل الذي يلحظه الجميع في اللوحات المعلقة على الأبراج والمباني المكتبية في كل أنحاء المدينة ، والتي خلت من شاغليها بعد الأزمة المالية العالمية ، وهو العرض الذي سيواجه مزيدا من التضخم عند إنتهاء العمل في المشروعات العملاقة التي يجري إنشاؤها حاليا ، بما فيها مشروع مركز الملك عبد الله المالي والبوابة الاقتصادية وواحة غرناطة ومدينة التقنية والاتصالات ، والتي ستضخ في جانب العرض مئات الآلاف من الأمتار المعروضة للتأجير من العقارات المكتبية . وبالرغم من هذه الشواهد والمؤشرات تلقينا اليوم خطابا من مكتب التأجير الذي يدير العقار المكتبي الذي يحتل مكتبنا فيه مساحة ليست بالصغيرة . الخطاب تضمن إبلاغا رسميا بزيادة الإيجار بنسبة تبلغ 50% من القيمة الإيجارية الحالية ، وينذر بالإخلاء في نهاية العقد إن لم نوافق على هذه الزيادة . ومع أني أثق تماما من أن صاحب العقار لن يتمكن من تأجيره إن نحن لم نوافق على هذه الزيادة الجائرة وقمنا بإخلاء المكتب ، إلا أن الانتقال إلى موقع آخر سيكون أمرا مرهقا ومعطلا لسير العمل في المشروعات التي نعمل عليها ، وسيوقع بنا خسائر مالية لمبالغ ضخمة أنفقناها على تجهيز وتهيئة المكتب بوضعه الراهن . ولأن الرقابة على مثل هذا العقاري الجشع معدومة في سوق يحكمه قانون الغاب ، فإننا لن نجد أمامنا سبيلا إلا الخضوع لهذه الزيادة المجحفة ، ولن يكون أمامنا سوى بذل شيء من المفاوضة والاستعطاف على أمل أن تقليل نسبة هذه الزيادة ، وليس أمامنا أن نقول سوى لا حول ولا قوة إلا بالله ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق