التجميل

السبت، 8 أكتوبر 2011

اليوم 256

وصلت للتو إلى المنزل عائدا من فندق الفيصلية حيث حضرت لقاء نظمته شركة سمة لأمن المعلومات للإعلان عن إطلاقها برنامجها لتقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة . هذا اللقاء تم تحت رعاية كريمة من لدن معالي محافظ مؤسسة النقد ، بصفتها الراعي الأكبر لكل المؤسسات البنكية وأبنائها وأحفادها ، وبصفة شركة سمة مملوكة لمجموعة من هذه البنوك لتقع بالتالي ضمن إطار هذه الرعاية الكريمة . هذه هي المرة الأولى التي أحضر لقاء تكون فيه كلمة راعي الحفل أطول من بقية البرنامج ، حتى أن معالي المحافظ أسهب بسرد معلومات تفصيلية عن واقع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتعريفاتها العلمية المختلفة وآثاراها على الاقتصاد الوطني وغير ذلك الكثير مما أكد لي علم معاليه بأهمية هذا القطاع من المؤسسات ، بما خالف توقعاتي السابقة التي بنيتها على غياب أي جهد لمؤسسة النقد لدفع البنوك التجارية لفتح محافظها وخزائنها لتمويل مؤسسات هذا القطاع . ولكنني أصبحت بعد هذه الكلمة الضافية أكثر حيرة فيما يمارسه هؤلاء المسئولون من تطبيل وتزمير وتنظير وتفسير دون أن يتخطى دورهم هذا الحد إلى تحركات جادة وفاعلة على أرض الواقع . الجيد في الأمر أنه بقدر ماكان الجزء الأول من اللقاء مملا ومحبطا بقدر ما كان الجزء الثاني منه مبهجا يشرح الصدر ، وهو الجزء الذي قدم فيه رئيس الشركة عرضا سريعا فيما تبقى له من وقت اللقاء بعد كلمة معالي المحافظ ليشرح فيه هذا البرنامج الوليد الذي أطلقته الشركة . وللحقيقة وللتاريخ ، فقد شدني هذا العرض واستحوذ على اهتمامي كما لم أفعل منذ زمن ، إلى الحد الذي جعلني أذهب إلى رئيس الشركة بعد أن انفضت جموع الحضور الرسميين لأشد على يديه وأقول له كلمة نبعت من صميم قلبي وخاطري . قلت له أن ما قدمته اليوم ، إن كتب له النجاح ، ستذكره له الأجيال القادمة ، وأنه ومع كل قناعتي بأنه لن يستطيع منفردا أن يحل معضلة التمويل التي يعاني منها هذا القطاع ، فإن ما قدمه اليوم يمثل على أقل تقدير تحولا إيجابيا في منحى التعامل مع هذه الأزمة . الأمر المهم الآن أن لا يكون هذا العرض مبادرة نظرية مفرحة من شركة تقبع تحت سيطرة البنوك التجارية التي تملك مفاتيح خزائن الأموال الوطنية ، إذ أن فهم واستيعاب القائمين على هذه البنوك لأهمية هذا القطاع وحتمية دعمه بكل الوسائل لهو المفتاح الأهم لنجاح هذا التوجه وهذا البرنامج الواعد . وأنا لا أدري إن كان هؤلاء المسئولين في البنوك التجارية من بين حضور العرض الذي تم تقديمه اليوم ، على الأقل ليشعرو بالخزي الذي شعرت به عندما أبرزت الأرقام التي تم تقديمها في ذلك العرض حجم الهوة في التمويل بين قطاع الشركات الكبرى والأفراد من جهة ، وقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من جهة أخرى ، حيث بلغ حجم التمويل في الأول أكثر من 800 مليار ريال ، بينما لم يتجاوز في الثاني 10 مليارات ريال فقط . أليس الخزي هو الوصف الأبلغ للشعور الذي تنشؤه هذه الأرقام ؟ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق