التجميل

الاثنين، 12 ديسمبر 2011

اليوم 321

يبدو أن الحوار المحترم والمتزن يتطلب كثيرا من المهارة والتدريب في مجتمع وسمت أهله سمات الصحراء وطبعتهم بشيء من الغلظة والجلافة ، وهو أمر يبدو أنه لا علاقة له بالتعليم ولا بالمكانة الاجتماعية أو العملية  ، ولا يجب أن يتعجب المرء إن هو رأى شيئا من هذه الغلظة في الحوار تأتي من رجل يحمل شهادة الدكتوراة أو يحتل موقعا قياديا في أحد الكيانات المرموقة . ومثل هؤلاء يستخدمون هذا الأسلوب لتغطية قصور معرفتهم في موضوع الحوار ، أو لشعورهم بالعجز من مجاراة محاوريهم ودفع الحجة بالحجة ، فتجدهم يرفعون صوتهم بالهجوم ، أو يتهمون الآخرين بالجهل ونقص المعرفة . مثل هذا الأسلوب يخنقني ويصيبني بالقرف ، وهو ما شعرت به اليوم في إحدى جلسات مؤتمر القمة العقارية . أحد المتحدثين كان يطرح وجهة نظره في موضوع فرض الرسوم على الأراضي البيضاء ، وهو بالطبع أحد مواضيع الساعة . المتحدث معروف بموقفه الرافض لهذا الطرح ، وساق اليوم مجموعة من المبررات والحيثيات التي رأى أنها تسند موقفه ، ورأيت في المقابل أنها تعبر بجلاء عن موقف يستجدي التنفع من أهل العقار ومختزني الأراضي بهذا الدفاع المستميت . المحاور الذي كان يدير الجلسة سأل هذا المتحدث عن رأيه في الآراء المحتشدة المطالبة بفرض الرسوم على الأراضي البيضاء فأجاب بأن هؤلاء ليسو إلا أنصاف مثقفين وأنصاف متعلمين . نظرت حولي فرأيت حالة من الوجوم والامتعاض والدهشة من هذا التعبير المتعدي الذي استخدمه المتحدث المحترم ، وهو بالمناسبة يحمل شهادة الدكتوراة من الولايات المتحدة الأمريكية ، ويحتل عددا من المواقع الهامة في عدد من الكيانات التجارية والمؤسسات المدنية . لم أحتمل هذا الوصف الجارح وهذا الأسلوب الرخيص في الحوار ، فطلبت الكلمة وألقيت خطبة عصماء في أدب الحوار وختمتها بتفنيد موقفه الرافض لمطلب شعبي أجمع الناس عالمهم وجاهلهم على حتميته ، وسبقتنا إلى تطبيقه كثير من دول العالم المتقدم بما فيها تلك التي حصل منها هذا المتحدث على شهادته العليا . في النتيجة ، فإن هذا الموضوع هو أحد الموضوعات التي يدور حولها كثير من الجدل الذي ينحدر أحيانا إلى هذا المستوى المتدني ، ومع ذلك فإن متخذي القرار بعيدون عن هذا الجدل ، ولا أعتقد أن هذه الأصوات المطالبة قد وصلت إلى مسامعهم أو إلى قناعتهم حتى تجد سبيلا للقبول والإقرار .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق