التجميل

الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

اليوم 337

حضرت اليوم لقاء مع مسئول في إحدى الشركات العقارية التي أعلنت قبل فترة قصيرة عن إطلاق أحد المشروعات العقارية الكبرى في مدينة الرياض بمباركة وتعاون مع إحدى الجهات الحكومية المسئولة عن إدارة المدينة . غرض اللقاء المعلن كان بحث سبل التعاون والمساهمة في إنجاح هذا المشروع ، أما غير المعلن فكان الحصول على ما يمكن أن يدلي به مثلي من أفكار وآراء ومقترحات بالمجان . ولأن هذا المشروع هو أحد المشروعات التي ستوقع كثيرا من التأثير على بنية المدينة ، هذا إن وجد طريقه للتنفيذ ، فإنني تغاضيت عن ذلك الغرض غير المعلن ، وتبرعت بما جادت به قريحتي حول هذا المشروع وما رأيته من جوانب سلبية يجب العمل على معالجتها . قلت لمضيفي أن سوق التطوير العقاري شهد كثيرا من هذه المشاريع التي لم تجد طريقا بعد إلى التنفيذ ، ولا زالت حبيسة الأدراج بالرغم من حصولها على التراخيص النظامية ، وبالرغم من جمع بعضها لجزء من مدخرات الناس وأموال المستثمرين . هذا الواقع يجب أخذه في الاعتبار ، والحرص على وضع المشروع في مسار تنفيذي قابل للتطبيق بعيدا عن الأحلام والأوهام المعتادة ، كما يجب أيضا أن تسعى الشركة لتحقيق تواصل إعلامي فعال مع المجتمع لتفادي تأثير فقدان المصداقية الذي ترسخ في أذهان الناس . الشيء الأهم الذي ركزت عليه كثيرا هو أن هذا المشروع ، بحسب ما رأيته من تصاميم ولوحات توضح معالمه التي صاغتها إحدى شركات الاستشارات الهندسية العالمية التي وجدت لها موطيء قدم في سوقنا على حساب المكاتب المحلية ، لا يحمل أي ارتباط بالمدينة ، ولا يعبر عن هويتها الخاصة ، ويمكن له بهذه المعالم أن يكون في أي مكان في هذا العالم ، خاصة وأنه يعكس صورة المشاريع التي نراها دوما في دبي وقطر وغيرها من مناطق التطوير العقاري التي شهدت صخبا وحراكا كبيرين في الأعوام الماضية . مضيفي سألني عن مفهوم الهوية ، وكيف يمكن التعبير عنها ، وما إن كنت أقصد تلبيس مباني المشروع بقناع العمارة المحلية . أجبته بأن مفهوم الهوية أكبر وأوسع من عنصر الطراز المعماري ، وهي بشكل عام تعبير عن الارتباط بالمكان يعكس كل ظروفه وخصائصه العمرانية والبيئية والاجتماعية وغيرها . ضربت لمضيفي مثلا بالخواجة الذي يرتدي زيا سعوديا فيبدو به غريب المظهر ، تماما كالبدوي الذي يرتدي بذلة ورباط عنق . ومع ذلك ، فإن كليهما يمكن أن ينسجم مع ذلك الزي إن هما اتسما بكل ملامح الهوية التي يعبر عنها . أعلم أن حديثي هذا هو كمن ينفخ في قربة مقطوعة ، فقضية الهوية قضية ثانوية في عرف هؤلاء العقاريين ، وإلا لما كانو جنحو إلى الاستعانة بالشركات الاستشارية الأجنبية واستغنو عن أبناء وطنهم وهويتهم لصياغة مثل هذه المشاريع . فأنى لأولئك الخواجات أن يكونو أكثر حرصا على الهوية المحلية بينما هم يضحكون على المطورين بتلك الصور المبهرة لمبان زجاجية ومشاريع دخيلة على هويتنا ، ولنا في مركز الملك عبد الله المالي المثل الأعلى .

هناك تعليق واحد:

  1. أكثر ما لفتنى فى كتابك هوتشبيه الخواجة الذى يرتدى زى سعودى لأنه فعلاً لا تستطيع أن تجعل أسرة عربية تسكن فى مسكن ذو طابع غربى منفتح على الخارج وبدون ستائر !!!!! وكذلك نوعيات أخرى كثيرة من المشاريع ، أما مفهوم الهوية فى انعدام التطوير ومراكز الأبحاث الفعالة لمواد البناء....فنحن مرتبطون بما تنتجه الشركات الأجنبية وتطوره

    ردحذف