التجميل

الخميس، 1 ديسمبر 2011

اليوم 310

في مثل هذا اليوم أتحسر على تلك الأيام التي كانت الخطوط السعودية تصدر فيها تذاكر رحلاتها بالصيغة الورقية قبل عهد التذاكر الإلكترونية . السبب في ذلك ما صاحب هذه التقنية الحديثة من ممارسات صارخة في الظلم من قبل الناقل الجوي الرئيس في المملكة من غرامات وخصومات وعقوبات على كل من تسول له نفسه إجراء أي تعديل في تذاكر رحلاته ، حتى لو كان هذا التعديل مدفوعا بظرف طاريء أو حالة إنسانية . المشكلة أن الخطوط تفرض شراء التذاكر خلال مهلة قصيرة جدا لا تتجاوز الثلاثة أيام من إجراء الحجز حتى لو كانت الرحلة بعيدة التوقيت . ويجد المسافر نفسه مضطرا لاتخاذ قرار حاسم بشراء التذاكر وتثبيت الحجز ومواجهة مخاطر تلك الغرامات إن اعترض جدوله شيء من العقبات والظروف الطارئة . ووفق هذه الأنظمة ، قمت بعمل حجز قبل عدة أيام لرحلة إلى بيروت اعتزمت القيام بها بصحبة زوجتي العزيزة في الأسبوع القادم ، واضطررت بالطبع إلى إصدار التذاكر ودفع قيمتها خلال أربع وعشرين ساعة من عمل الحجز . ويوم أمس اعترض جدولي اجتماع هام في ذات توقيت الرحلة ، وهو ما دفعني إلى الاتصال بالخطوط السعودية لتأجي الرحلة إلى يوم آخر . وبلغة الأرقام ، فإن الغرامة التي أبلغني موظف الخطوط بضرورة دفعها لتعديل موعد الرحلة بلغت قيمتها حوالي الثلاثة آلاف ريال ، فيما لم تزد قيمة التذاكر الأصلية على الألفي ريال . لم أفهم كيف يمكن أن تزيد قيمة الغرامة على قيمة التذكرة ، مع أن درجة السفر هي ذات الدرجة في الرحلتين . المشكلة أن الخطوط وهي تلزم المسافرين بالشراء المبكر للتذاكر لا تضعهم في مواجهة مثل هذه الغرامات الظالمة فحسب ، بل إنها تستفيد من تدفق نقدي هائل يدعم خزينتها دون أن يجد المسافرون أي جدوى من هذا العائد . والمفارقة أن الخطوط تقوم بتحميل المسافرين مثل هذه الغرامات عن أي تعديل في جداول رحلاتهم بغض النظر عن الظروف التي قد تدفعهم إليه ، فيما هي لا تتحمل أية تبعات عن تأخير رحلاتها أو تأجيلها أو حتى إلغائها . في الليلة قبل البارحة وصلت إلى الرياض أختي الكبرى قادمة من المدينة المنورة في رحلة للخطوط السعودية كان من المفترض أن تغادر مطار المدينة في الساعة السابعة ، فيما لم تغادر فعلا إلا في الساعة الحادية عشر ليلا . أربع ساعات من التأخير الذي عانى منه المسافرون بمن فيهم الطفل والمريض وكبير السن الذين لم يحصلو من الخطوط السعودية إلا على اعتذار باهت بارد . المشكلة أن متخذي القرار وأصحاب السلطة في الرقابة على الخطوط السعودية لا يعانون من مثل هذه الممارسات ، فهم في الغالب يسافرون في طائرات خاصة ولا يحتاجون إلى خوض غمار تجارب الحجز وشراء التذاكر ودفع الغرامات والانتظار الممل في المطارات . وقديما قالو ... من أمن العقوبة أساء الأدب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق