التجميل

الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

اليوم 287

اليوم اصطحبت أبنائي لزيارة أحد المراكز التجارية في دوحة قطر ، وهي على أية حال لا تضم كثيرا من المراكز كما هو الحال في دبي مثلا أو الرياض . هذا المركز الذي يعده أهل قطر قبلة لهم في مجال التسوق والترفيه لا يمثل سوى قطرة من بحر بالنسبة لتلك المراكز التي تعج بها دبي العتيدة ، وهو مع ذلك يعد حديث المدينة بكل المقاييس . تركت أبنائي في مدينة الألعاب التي يضمها هذا المركز وذهبت أبحث عن المصلى لأداء صلاة المغرب والعشاء ، ولم يكن أذان المغرب قد رفع بعد . دخلت المصلى وأديت تحية المسجد وجلست أنتظر الأذان ، وبدأ الناس يتوافدون إلى المصلى مع اقتراب وقت الصلاة . وبعد أن رفع الأذان وبدأ الناس يصطفون لأداء الصلاة دخل رجل يرتدي الزي القطري وعلى وجهه لحية طويلة يشوبها شيء من البياض . وقف الرجل يتلفت يمنة ويسرة ويستعرض وجوه المصلين ، ثم تقدم الصفوف وأقام الصلاة ووقف يؤم الناس . أيقنت حينها أن هذا الرجل كان يبحث عن شخص يحمل مؤهلات الإمامة بحسب مقاييسه ، وقرر بالتالي أن يؤم الناس عندما لم يجد من هو أطول منه لحية . بدأ الرجل بالصلاة ، ففوجيء الجميع بأنه ركيك القراءة ضعيف الحفظ أجش الصوت كثير اللحن بكلمات القرآن العظيم ، وهو ما أجزم أنه أفسد خشوع المصلين كما أفسد خشوعي . بعد الصلاة قام الرجل وغادر المصلى مسرعا وكأنه يريد الهرب من عتب الناس . تساءلت حينها عن هذه السطحية في المقاييس في الحكم على الناس وأهليتهم لمثل هذا الأمر ، خاصة وأن إمامة الناس في الصلاة تعد مسئولية جسيمة وليست شرفا يرتجى . تذكرت تلك المرة التي توقفت فيها عند أحد المساجد في إحدى استراحات الطرق لأداء الصلاة ، وبدأت بالصلاة وحيدا حتى اجتمع خلفي عدد من الناس . وبعد أن أنهيت الصلاة والتفت إلى المصلين خلفي لقيت من بعضهم نظرات مريبة ملؤها اللوم على هذه الجريمة التي اقترفتها بأن أممت الناس في الصلاة وأنا حليق اللحية . العجيب أننا اجتمعنا لأداء صلاة العشاء بعد أن غادر ذلك الإمام ، وأمنا هذه المرأة شاب حليق اللحية ، فوجدناه حسن الصوت حسن الحفظ حسن القراءة . تعجبت من هذا التباين بين المظهر والجوهر ، وكيف أن هذا الحليق تفوق على ذلك الملتحي في جودة قراءته وحسن إمامته للناس ، ولله في خلقه شئون .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق