التجميل

الاثنين، 28 نوفمبر 2011

اليوم 307

وصلت إلى منزلي قبل قليل وأشعلت جهاز التلفاز على قناة العربية لمتابعة مستجدات الأحداث في عالمنا بعد يوم مليء بالمشاغل والأحداث . القناة كانت تعرض تغطية للانتخابات التشريعية في مصر ، ورأيت على الشاشة عنوانا عريضا بدا لي كما لو أنه يقول "مصر تنتحب" . أصابتني هزة من الخوف إذ خشيت أن تكون الانتخابات شهدت أحداثا دامية خشي منها الكثيرون بعد أسبوع من المظاهرات والمليونيات التي أوقعت كثيرا من الضحايا بين قتيل وجريح ، وهو ما دفعني حينها للتساؤل عن المستفيد من هذه الأحداث الهوجاء في الوقت الذي يترقب فيه الشعب هذه الانتخابات التي تمثل خطوة مهمة في مسيرة إصلاح الأوضاع وتهدئة الأمور في هذا البلد الذي عانى الكثير منذ نجاح ثورته التي أسقطت النظام البائد . بعد لحظات تبين لي أن عيني أخطأتا ما رأيته على الشاشة ، وأن العنوان كان "مصر تنتخب" وليس كما ظننته لأول وهلة . حمدت الله وزدته حمدا بعد أن تابعت التغطية ورأيت كم الإقبال الكثيف على هذه الانتخابات بالرغم من كل دعوات المقاطعة التي كانت تبثها بعض الفئات المغرضة . والحقيقة أن نجاح هذه الانتخابات يعد إنجازا يحتسب لهذا الشعب في حد ذاته ، بغض النظر عن التركيبة التي ستنتجها ، والسيطرة المتوقعة للأحزاب الدينية استنادا إلى مشاهدات نتائج الانتخابات الأخرى في تونس والمغرب ، والتي أنتجت سيطرة بارزة للأحزاب والمجموعات الدينية . أنا لم أستطع أبدا أن أفهم سبب المخاوف من تبعات سيطرة هذه الأحزاب ، فالمفترض أن تكون الخلفية الدينية سببا للثقة في أداء مؤسسات الدولة ، انطلاقا من قناعة بسماحة الدين الإسلامي وتكامله وانسجامه وملائمته لحياة الشعوب في كل الأزمان . ولكن المشكلة أن كثيرا من الأحزاب والفئات تستخدم الدين سبيلا للوصول إلى السلطة ، إلى الحد الذي يصبح فيه الدين وسيلة قابلة للتطويع والتشكيل ليكون أكثر قبولا من شريحة أكبر من الناس . وهو في رأيي ما يفقد الناس الثقة في هذه الأحزاب ، إذ أن من يتجاوز مباديء الدين سعيا للسلطة فإنه يكون أهلا لتجاوز أية مباديء أخلاقية أو مهنية لتحقيق مصالحه الخاصة . الجميل في الممارسة الديموقراطية أن التجربة هي وسيلة لتقييم الأداء ، وأن أي خلل في الأداء لن يكون دائما إذ أن الدورات الانتخابية القادمة ستعكس مواقف الناس من هذا الأداء لتصحح قراراتهم في اختيار ممثليهم . والمهم الآن كما قلت أن تنجح التجربة الانتخابية في حد ذاتها كممارسة ديموقراطية ، لتؤسس مناخا ونظاما دائما يأخذ حقه في النضج عن طريق الممارسة الفاعلة والحكيمة ، وأرجو ألا يأتي يوم الذي ينتحب فيه أي بلد عربي بعد هذا الربيع العربي الذي خلقوه بأيديهم ودمائهم .

هناك 3 تعليقات:

  1. امل ذلك بان لا ينتحب اي بلد عربي بل ينتخب بصدق ويكون الشخص الذي نعطيه اصوتنا على قدر التحدي ولكن ما اخاف منه تغير المبادئ عند الوصول الى السلطه كثير من الأشخاص تتغير معاملته عند حصوله على منصب ولمست هذا الأمر مع اشخاص ملتزمين بالدين وكنت اعتبرهم قدوة في الصلاح ولكن عندما اسند له امر اصبح فيه صاحب القرار ظهر بوجه اخر يكشف عن شخصية اخرى تعيش في نفسه وتسلط لم يسبق له مثيل وكان هذا قمة السوء حيث اثر على سمعة من يوصفون بالإسلامين

    ردحذف
  2. يجب ان يكون التقييم مبنيا على الشخص وافعاله واخلاقه ومدى ما يُقدم لمجتمعه او للمنصب الذي رشح نفسه له ،، الاشكالية اننا نبني احكامنا على مظاهر الاشخاص إعتمادا على حبنا للدين واعتقادنا ان الشخص الذي مظهره مظهر الملتزم بالاحكام سيكون كذلك ملتزما في اخلاقة وتعاملاته وكذلك الاداء بالصدق والعمل بالاخلاص. من واقع الحياه انه لا يجب الخلط بين هذه الامور ،، فالاداء والرغبة في العطاء والعمل بإخلاص ، وهي مطلب الناخب، قد تتحقق في من يلتزم بالمظهر ومن لا يلتزم ، والكذب والخداع والعمل ضد المصلحة ، قد توجد ايضا في من يلزم رداء الدين في شكله ومن قد خلع هذا الرداء. أعتقد ان الناس اصبح لديهم وعي بذلك ، ولدينا حالات كثيرة عرفنا فيها ان من يلبس لباس الدين لا يعني بالضرورة انه المناسب للمكان ولا يعني انه الاصلح.

    ردحذف
  3. اعيش الان اسعد لحظات حياتى وانا ارى بلادى بكل فئاتها تتحد وتعيش الديموقراطية الحقيقية وبهذا السلوب الحضارى والذى ابهر العالم وتابعته معظم وسائل الاعلام العربية والعالمية.
    وأينا كان الفوز لاحد المرشحين سواء مستقلين أو أحزاب فأنا أرى أن من سيصل الى السلطة سيفكر ألف مرة قبل أن يفعل شئ خطأ لان ثورة 25 يناير أرست مبدأ الثواب والعقاب.
    اشعر بالاعتزاز لانى مصرى واشعر بالفخر وانا ارى لهفة اخوانى العرب فى ان يروا مصر بهذه الصورة الحضارية المشرفة
    عاشت بلادى مصر وعاشت بلادى العربية وحفظ بلادنا من كل سواء.

    ردحذف