التجميل

الخميس، 17 نوفمبر 2011

اليوم 296

وصلت قبل قليل إلى الرياض عائدا من عمان بعد رحلة خاطفة مزدحمة بالاجتماعات واللقاءات . آخر هذه اللقاءات كان صباح اليوم بزيارة وزير الأشغال العامة والإسكان الأردني بصحبة وفد من نقابة المهندسين الأردنيين ، وهي الزيارة التي استضافني فيها الوزير عندما علم بزيارتي للنقابة في اليوم السابق . الشيء الذي لفت نظري هو تلك القوة التي تتمتع بها النقابة في المجتمع المهني والسياسي الأردني ، وهو ما رأيته بأم عيني اليوم في تلك الزيارة التي واجه فيها وفد النقابة الوزير بعدد من المطالب التي تم عرضها بحزم واعتداد وجدا من الوزير تجاوبا عبر عن إيمان الحكومة بدور النقابة ومكانتها المهنية . هذه القوة مصدرها الدور الحيوي الذي تلعبه النقابة في إدارة القطاع ، والذي جعلها نموذجا يحتذى في المؤسسات النقابية والمهنية في العالم العربي ، ودفع كثيرا من مثيلاتها إلى التواصل معها والتعلم منها للاقتداء بمسيرتها ومنجزاتها التي دامت على مدى اثنين وخمسين عاما . نحن بالطبع لا نريد لهيئة المهندسين السعودية أن تقوم بالدور السياسي الذي طبع نقابة المهندسين الأردنية ، ولكننا نريدها أن تكون لها ذات المكانة التي تمكنها من المطالبة بحقوق المهندسين ورعاية شئونهم ، وأن يكون لها ذات الصوت الفاعل الذي رأيت نموذجه اليوم في مثال حي على أرض الواقع . الوزير كان جم اللطف والتواضع ، قابلني ووفد النقابة بكثير من الترحاب ، ولا أدري إن كان هذا النمط سائدا بين كل الوزراء في ذلك البلد ، أم أن الآخرين هم على شاكلة وزرائنا الذين يصيبهم في الغالب جنون العظمة ويحاطون ببروتوكولات خاصة حالما يتولون مثل هذه المهام . الشيء الآخر الذي لفت نظري هو شيوع حالة الإهمال تجاه قضية الإسكان في ذلك البلد تماما كما هو الحال في المملكة ، فالوزارة التي زرتها اليوم هي وزارة للأشغال العامة والإسكان ، ومع ذلك فإن السياسة المعلنة والموثقة على لوحة معلقة على أحد جدران مكتب الوزير لو تتضمن ولو كلمة واحدة عن الإسكان . الفارق أن هذا الموضوع لا يمثل في الأردن تحديا بخطورة ما تواجهه المملكة في هذا المجال ، ومع ذلك فإن برامج الإسكان التي تديرها الدولة نجحت في الحد من تفاقم المشكلة ، إذ لا تجد أحدا هناك يشتكي من نقص في الوحدات السكنية ، مع أننا نتحدث هنا عن أحد أفقر الدول العربية في مقوماتها الاقتصادية . الحكمة ضالة المؤمن ، وليس من العيب أن نتعلم من الآخرين حتى لو كانو أقل منا في إمكاناتهم وقدراتهم الاقتصادية . فهل لوزارة الإسكان السعودية أن تتعلم من النموذج الأردني كما تسعى هيئة المهندسين للتعلم من نقابة المهندسين الأردنيين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق