التجميل

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

اليوم 308

ليلة البارحة التقيت عددا من الأصدقاء الذين اتفقت وإياهم على تجديد اللقاء بين الفينة والفينة بعد أن فرقتنا لفترة طويلة مشاغل الحياة ومشاكلها . أصدقائي هؤلاء جمعتني وإياهم بداية حياتنا العملية منذ أكثر من عشرين عاما ، وحملت تلك الفترة لكل منا تجارب مختلفة بعد أن اختار كل منا طريقه في الحياة ، فمنا من آثر البقاء في الوظيفة الحكومية ، ومنا من اختار الانتقال للعمل في القطاع الخاص ، ومنا من قرر خوض غمار العمل الحر . وككل البشر ، فإن كلا منا يحمل أفكاره ونظرته الخاصة للأمور ، وهي تباينات لم تكن أبدا لتزرع الفرقة بيننا ، أو لتمحو ودا تأصل بيننا على مر السنين . ليلة البارحة خضت وأصدقائي هؤلاء حوارا حادا حول موضوع كثيرا ما أشغل فكري وأثار في نفسي سؤالا لم أجد له جوابا ، وهو سؤال طرحته عليهم في لقاء الأمس راجيا أن أجد لدى أحدهم الجواب الشافي . السؤال هو ، هل يوجد أحد من الناس يملك القدرة على التمسك بمبادئه مهما واجه من مغريات ، أو بمعنى آخر ، هل يوجد إنسان ليس له ثمن . تلقيت منهم إجابات وآراء متفاوتة بين التفاؤل المطلق والتشاؤم المريع ، حتى أني ازددت حيرة على حيرتي بما سمعته منهم . بعضهم ساق أمثلة لأشخاص تمكنو من مقاومة مغريات مادية وتمسكو بمواقف صلبة أمامها ، فتساءلت إن كانت المغريات أقل من الثمن الذي كان يمكن لأولئك قبوله مقابل تليين مواقفهم . أنا لا أتحدث هنا عن الحالات التي يقبل فيها المرء التنازل عن مبادئه مضطرا تحت طائلة التهديد أو الابتزاز ، فهذه الحالة تقع في حكم قول الله تعالى "إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان" . مضيفنا تحدث عن رجل ممن يوصفون بالمعارضة السياسية يقيم في القاهرة ويدير قناة فضائية يذيع عبرها برامج وأحاديث يفضفض بها عن حال البلد والفساد الإداري والسياسي وسقطات الأمراء والمسئولين . أنا لم أسمع أبدا عن هذه القناة ، ولكنني فهمت من حديثه أن هذا الرجل أطلقها بعد أن فشل في الحصول على دعم مادي من الدولة لقناة أخرى كانت يديرها من داخل البلاد . تساءلت حينها عما لو كان هذا الرجل سيعمد إلى إنشاء هذه القناة المعارضة لو حصل على ذلك الدعم الذي كان يريده ، وهل أنه كان سيتغاضى عن هذا الفساد الذي فرغ نفسه لنبشه ونشره على الملأ لو أنه حقق مراده في ذلك الحين . أنا لم أجد فارقا بين من يبيع مبادئه للحصول على مكاسب مادية مباشرة أو غير مباشرة ، وبين من يرفع راية الصلاح وكشف الفساد في مواجهة من لم يقدم له ما يريده من مكاسب مادية مباشرة أو غير مباشرة . فكلاهما في نظري فاسد ، بل إنني أجد الصنف الثاني أكثر فسادا ممن يحاول كشفهم من الفاسدين . ومن يمكن شراؤه بشيء من فتات الدنيا لا يمكن أن يكون محل ثقة ولا يحمل أية مصداقية ، حتى لو لبس ثوب الدين واستخدم تعليم وتلاوة القرآن الكريم وسيلة للوصول إلى قلوب الناس .

هناك 3 تعليقات:

  1. لكل شي في حياتنا ثمن للجنة ثمن هو طاعة الله والبعد عن معصيته وهذا مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( الا إن سلعة الله غاليه الاان سلعة الله الجنه ) ولكن ما يدخل في ثمن المبادئ وتغير المعتقدات فهناك شواهد كثيره تثبت ان الإيمان المطلق بصحةالمعتقد سواء كان دنيا او فكريا تكسب الإنسان عزيمة قصوى على مقاومة المغريات الماديه والدنيويه مثل صمود الرسول صلى الله عليه وسلم امام مغريات قريش لترك الدعوه والحصول على المال والمنصب والشهره وكذلك صمود بلال بن رباح في وجه التعذيب والقهر وفي زمننا الحديث صمود الشعوب في مقاومة الإحتلال والظلم وأقرب امثلتنا صمود الشعوب العربيه في وجه الة القتل والتدمير من اجل الرغبه في التغير والإصلاح
    ولكن يحصل الإختراق وتغير الفكر عندما يكون التصرف عباره عن ردة فعل لحدث معين مترافقا بضعف في العقيده مثل ان تترك الصلاه بعد ان تكتشف ان امام المسجد يسرق التبرعات مثلا
    اما في عالم السياسه فأعتقد من وجهة نظري ان شراء العقول والأدوات التي تعكس الحقائق امر ممكن وهنالك امثله كثيره على ذلك اقربها ما حدث في قنوات الإعلام المصريه من تحول غريب كان احدهم بوقا يمجد النظام وأصبح بعد تغير النظام بوقا يمجد الثوار هنا فعلا تجد ان من يدفع اكثر يحصل على مدح اكثر

    وشكرا

    ردحذف
  2. لعل السؤال الذي أطلقته هو من أهم الأسئلة التي قد تخطر على بال الناس، ولا يتم الإجابة عليه ليس لصعوبته بل لصعوبة الإجابة عنه من الناس أنفسهم حتى لو كان الحوار داخلياً لا شاهد عليه.

    أنا أؤمن بأنه لا يوجد قاعدة ثابتة في الحياة، فما قد نراه اليوم صائباً قد نراه غداً خطأً، وما أرفضه وأصرّ على رفضه اليوم، قد أقبل به غداً لظروف أو أخرى.

    فمن لا يحتاج رغيف الخبز لن يسرقه، ومن يحتاجه حتى لو كانت مبادئه تطال السماء يصبح أسهل الوصول إليه، إنها رغبة داخلية بشرية وحاجات قد تطال مختلف المباديء حسب الظروف، فالخطأ بليّة قد يبتلى بها الإنسان، ولولا ذلك لما قال الله تعالي: "إذا بليتم بالمعاصي فإستتروا" فالمعصية خطأ وبلاء قد يبلى به الإنسان، وجلّ من لا يخطئ، ولكن في النهاية خير الخطائين التوابين.

    ردحذف
  3. صلاح الدين الحمود30 نوفمبر 2011 في 4:30 ص

    الجنة خير ثمن وما دونها زائل ، قال الله تعالى ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)

    ردحذف