التجميل

الأحد، 20 نوفمبر 2011

اليوم 299

مفهوم القيمة هو مفهوم غائب لدى الكثيرين وعلى كل المستويات ، وغالبا ما يحل محله مفهوم مادي بحت يمثل التكلفة أو الثمن . الفارق أن قيمة الشيء تخلق استنادا إلى ما يحمله من مواصفات ومميزات ، وليس استنادا إلى السعر أو الثمن الذي يفرض له أو عليه . الأمر يصبح جليا في بعض الحالات كما هو الأمر بالنسبة للمقتنيات الأثرية التي تحمل قيمة عالية لا يمكن أحيانا تقديرها بأي ثمن ، ومثلها في ذلك الجوانب الاجتماعية والأخلاقية والنفسية ومثلها الكثير من الجوانب التي لا تشكل في العادة عناصر فاعلة في تحديد الثمن . قضية التثمين العقاري مثلا تعاني من غياب هذا الفهم ، إذ أن ممارسات التقييم تتم في الغالب الأعم بناء على البيوع السابقة للعقار أو العقارات المحيطة به دون اعتبار القيمة الفنية أو الجمالية أو الاستثمارية لذلك العقار . الشيء نفسه ينطبق على البشر ، مع أن البشر أقدر على فهم هذه القضية والتعامل معها وتقبل تبعاتها في بناء قدراتهم وخبراتهم ومهاراتهم الوظيفية . ومنذ عدة أيام تقدم للعمل في المكتب مهندس شاب سعودي حديث التخرج لا يملك أية خبرة مهنية ، ومع ذلك فهو يحمل إمكانيات ومواهب حملت تجاهها كل تقدير ، وخلقت في نفسي رغبة خالصة في تعيينه والاستثمار فيه لأخلق منه مهندسا كفؤا مؤهلا لأداء دور فاعل في المكتب . العائق المعتاد الذي يقف في مثل هذه التجارب هو العنصر المادي ، فالشاب كان يحمل توقعات بدخل لا أدري من أين أتى بها . اليوم قابلت هذا الشاب وسعيت إلى إفهامه مبدأ خلق القيمة ، وكيف أن أي شاب يجب عليه أن يعمل في بداية حياته المهنية للانخراط في تجارب ومجالات يضيفها إلى مخزون خبراته ومهاراته المهنية ، وهو ما يتحول إلى قيمة مادية ترفع ثمنه في سوق العمل بهذه الإمكانات . وبذلك ، فإن أهم ما على الشاب أن يسعى إليه في بداية حياته المهنية أن يختار العمل في المكان الذي يحقق له الإضافة الأكبر إلى هذا المخزون ، وليس إلى المكان الذي يقدم له الراتب الأعلى على المدى القصير . الجهد الذي يبذله الشاب في التعليم العام والجامعي وفوق الجامعي ما هو إلا وسائل لخلق قيمة مضافة تؤهله للحصول على مزيد من المكاسب في الحياة ، والخبرات العملية أوقع أثرا في هذا الجانب من الخبرات الأكاديمية . ضربت لهذا الشاب مثلا في أرض فضاء تحمل ثمنا ما في سوق العقار ، وكيف أن مجرد إعداد برنامج لتطوير هذه الأرض يتضمن الدراسات والتصاميم اللازمة لذلك يرفع من قيمتها في السوق أضعافا مضاعفة . خرج الشاب من هذا اللقاء واعدا بالتفكير مليا فيما قلت ، وأرجو أن يكون بذات الذكاء الذي توسمته فيه ليخوض معنا تجربة أثق كل الثقة أنها ستعود عليه بالخير الوفير في مستقبل حياته المهنية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق