التجميل

الأحد، 7 أغسطس 2011

اليوم 194

أكتب هذه السطور وقد عدت للتو من أداء مناسك العمرة . وبحمد الله فقد كانت ميسرة أيما تيسيير ، إذ لم تستغرق أكثر من ساعتين اثنتين بالرغم من كل الزحام الذي يملأ جنبات الحرم المكي الشريف . التعب الذي أحس به الآن ليس من تبعات العمرة ، بل من الفترة التي قضيناها في السيارة في طريق العودة من مكة المكرمة وفي شوارع جدة التي لا يمكن وصف وضع شوارعها في هذا الازدحام إلا بالمقرف . وربما كان الوضع أكثر سوءا بالنسبة لأسرة أنهت للتو أداء مناسك العمرة وعانت زحام طريق الذهاب والعودة ولم تتناول بعد أي طعام سوى تلك التميرات التي يوزعها أهل الخير في الحرم المكي الشريف ليقعو فريسة ازدحام طرق جدة البالية . العجيب أن الفترة التي قضيناها في السيارة في جدة فقط كانت أطول وأصعب من كل رحلة العمرة . مكة المكرمة من جهة أخرى ليست أحسن حالا ، إذ فوجئت بداءة بأن الطريق كان مفتوحا لدخول سيارات المعتمرين إلى داخل مكة ، فعبرنا الطريق إلى منطقة الحرم ، وعانينا الأمرين في البحث عن موقف للسيارة . أوقفت السيارة في أحد المواقف العامة التي يديرها أفراد وافدون خصصو أرضا فضاء لهذا الغرض دون أي تجهيز أو تهيئة أو حتى تزفيت على أقل تقدير . المسافة التي قطعناها سيرا على الأقدام من الموقف إلى الحرم كانت رحلة أخرى مزعجة بالسير على أرصفة متهدمة ومليئة بالحفر وبين الهياكل الخرسانية المتناثرة التي تسد الطرقات . كم تحملنا من المخاطر في السير بين السيارات والباصات التي تملأ الطرقات في غياب أماكن مخصصة للمشاة في هذه الطرق . وصلنا إلى الحرم ، وغسلنا تلك المعاناة بمشهد الكعبة المشرفة وتلك الأحاسيس الروحانية التي ملأت صدورنا بالسكينة والوقار . المشهد الوحيد المزعج في الحرم المكي الشريف هو منظر أبراج الحرم العملاقة التي شوهت تلك الصورة الروحانية بتلك المادية المفرطة . كم أمقت هذه المتاجرة بالدين والحرم والكعبة ، خاصة عندما أتذكر أن أسعار الغرف تتفاوت بحسب زاوية الإطلالة على الحرم والكعبة . السؤال الذي أثقل صدري ولم أجد له إجابة ، ألم يكن من الأجدى أن يستقطع جزء يسير من تلك المليارات التي أنفقت على هذه المنشأة العملاقة ليصرف على تحسين الطرق والمسارات والساحات المحيطة بالحرم الشريف ، أم أن أولئك المشاة من المعتمرين البسطاء الذين لا يملكون ثمن السكن في هذه الشقق والغرف الفارهة لا يملكون الحق في السير والتنقل في بيئة منظمة وآمنة تمنحهم حقهم في الحد الأدنى من التعامل الإنساني .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق