التجميل

الجمعة، 12 أغسطس 2011

اليوم 199

وصلت إلى الرياض عائدا من المدينة المنورة بعد أيام ثلاثة قضيتها محاولا إغراق نفسي في الأجواء الروحانية لمدينة المصطفى عليه الصلاة والسلام كي لا يصيبني من الإحباط ما يمكن أن يخرب هدف هذه الرحلة . هذه الاستراتيجية ضربت في مقتل عندما وصلت إلى مطار المدينة المنورة مساء اليوم ، وهو المطار الذي لا زال في حالة التطوير والإنشاء منذ حوالي الثلاث سنوات ولما تجد هذه المهمة العسيرة بعد طريقا إلى الإنجاز . الصالة الوحيدة التي افتتحت للتشغيل هي صالة المغادرة الداخلية ، فحمدت الله أن أتاح لنا فرصة للتعرف على الوجه الجديد للمطار بعد طول انتظار . المثل الذي ينطبق على حالة المطار بعد تجربة المغادرة هذه الليلة هو قول القدماء " تمخض الجمل فولد فأرا " . أقول هذا لأنني ببساطة لم أجد فرقا يستحق الذكر بين المطارين القديم والجديد ، بل إن حالة المطار الجديد قد أشاعت شعورا عاما بالإحباط ليس فقط لدى المسافرين بل أيضا لدى الموظفين العاملين في المطار استنادا إلى شيء من حوار تبادلته معهم مهنئا بهذا الإنجاز الجديد . صالة المغادرة في المطار الجديد ليس بها قاعة مخصصة لأعضاء نادي الفرسان العتيد ، وليس بها ممرات أنبوبية توصل المسافرين إلى الطائرة ، بل إن الباصات القديمة ذاتها لا زالت تقوم بهذا العمل . شاشات معلومات الرحلات كانت تعلن عن رحلات أقلعت منذ صباح اليوم فيما يبدو أن الموظف المختص بتحديثها قد تغيب عن العمل هذا اليوم لظروف الصيام . الأظرف ، أن إجراءات إدخال الحقائب تتم عبر وزنها لدى موظف الخطوط السعودية أولا ، ومن ثم يقوم العامل المسكين بحمل الحقائب مرة أخرى ونقلها إلى جهاز التفتيش في أقصى الصالة لتدخل منه إلى مخزن الحقائب مرورا إلى الطائرة . والأنكأ ، أن دورات المياه تطل بأبوابها المشرعة على صالة المغادرة لتفوح منها تلك الروائح الزكية التي تنبيء عن مستوى النظافة فيها . أنا لا أتحدث هنا عن مطار محلي في مدينة صغيرة ، بل هو المطار الذي يقع في المرتبة الرابعة في معدلات حركة الطيران في المملكة ، ويدير حركة للطيران الدولي بما فيها رحلات عدد من شركات الطيران الأجنبية . وهو علاوة على ذلك أحد بوابتي الحرمين الشريفين ، والوحيد الذي يستقبل حركة كثيفة من المعتمرين على مدار العام . ومع أن هيئة الطيران المدني تصنفه على أنه المطار الدولي الرابع في المملكة ، إلا أن ما رأيته اليوم لا يعبر عن قناعة الهيئة بهذا التصنيف ، أو ربما قناعة وزارة المالية بأهمية هذه المدينة . غادرت المطار في رحلتي إلى الرياض وقد أصابني الأسى على هذه المدينة وأهلها المساكين . فإلى متى ستظل ضحية لمثل هذا الإهمال والتجاهل ، أم أن هذه اللأواء ستظل أبدا صفة ملازمة لها لتبرير أجر زيارتها والإقامة فيها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق