التجميل

الخميس، 18 أغسطس 2011

اليوم 205

الفزعة خلق من أخلاق الإسلام ، وشيمة من شيم الرجال . لا أستطيع أن أتخيل أحدا يرى شخصا في موقف كرب وهو يعلم أنه يستطيع أن يعينه عليه ثم يدير ظهره له دونما اكتراث . هناك كثير من الناس الذين حباهم الله بهذه الصفة ، وهم يحسون من السعادة مبلغها عندما يقيضهم الله للوقوف بجانب شخص يحتاج إلى العون والمساعدة . أنا لا أتحدث هنا عن المساعدة المالية ، فهي لا تمثل إلا وجها واحدا من أوجه تقديم العون للمحتاج . والشخص الذي يدير ظهره لمن يعلم يقينا أنه يحتاج إلى مساعدته ، ويعلم يقينا أنه يستطيع مساعدته ، هو في رأيي شخص قد نزع الله منه مباديء الخير والإنسانية والشهامة . ربما يكون هذا الزمن قد طغت عليه المادية ، وأصبح كل شيء يقدم بمقابل . ولكن حتى لو كان هذا الواقع صحيحا ، فإن تقديم الفزعة والعون في هذه الحالة يمكن أن يكون على سبيل التربح ليس إلا ، وهو في رأيي أهون من السكوت عن عرض المساعدة وتقديم العون . هذه الخاطرة سيطرت علي عندما علمت أن أحد من كنت أعدهم من الأصدقاء يعمل منذ فترة ليست بالقصيرة في أحد الأجهزة الحكومية التي أعيش معها حالة من الظلم وهضم الحقوق . هذه الجهة أنهينا معها مشروعا منذ أكثر من سنتين ، ومنذ ذلك الحين ونحن نطالب بصرف بقية حقوقنا التي ضاعت وسط فلسفة وتعنت المسئولين في الإدارة المالية والإدارة القانونية . هذا الصديق المزعوم يعلم تماما هذه المشكلة مع هذه الجهة التي يعمل فيها ، وفي موقع يمكنه من تدخل فعال لحل هذه المشكلة ، على الأقل بترتيب لقاء مع مدير الإدارة التي يعمل فيها ، والذي لم نتمكن من مقابلته طيلة تلك الفترة لعرض وجهة نظرنا أمامه بحثا عن حل منصف . كلنا يعلم أن العلاقات تلعب دورا مؤثرا في كل شئون العمل مع الجهات الحكومية ، ومثل هذا الموقع الذي يعمل فيه هذا الصديق كان يمكن أن يكون سببا في حلحلة هذه المشكلة إن لم يكن حلها حلا جذريا منصفا . حدثتني نفسي بالاتصال به وطلب مساعدته ، ولكنني رغبت عن إذلال نفسي أمام مثل هذا الصديق ، إذ لو كان في نفسه شيء من النخوة لبادر هو إلى تقديم العون عوضا عن انتظار استجدائه منه . تأسفت على تلك الصداقة ، وعلى هذا الواقع المرير الذي تدنت إليه العلاقات الإنسانية . ورجوت الله أن يبعد عني هذا الصديق ، وهو من لم تعنه نفسه حتى على رد الجميل في كثير من المواقف التي وقفت فيها إلى جانبه ، فكيف بتقديم يد العون إلى صديق محتاج وهو يعلم يقينا أنه في موقع الحاجة الملحة لمثل هذه الفزعة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق