التجميل

الاثنين، 22 أغسطس 2011

اليوم 209

الموضوع الذي تطرقت إليه يوم أمس الأول يبدو أنه أسيء فهمه من بعض الإخوة قراء هذه المدونة ، فقد وضع أحدهم تعليقا لا زال منشورا عليها يلومني فيه على المقارنة التي أسست لها بين الحرم المكي الشريف والفاتيكان ، وقال أن هذه المقارنة لا تجوز لأنها تنحدر بمكانة حرم المسلمين إلى ذلك المبنى الذي ينتشر فيه العهر والفسق والفجور . لست أدري من أين جاء هذا الأخ بهذا الفهم مما كتبت ، فأنا لم أعقد المقارنة بين الحرم والفاتيكان استنادا إلى مكانة وقدسية كل منهما ، بل إنني قلت أن الحرم عندنا نحن المسلمين يحتل مكانة القدسية العظمى ، فيما نحن لا نحمل للفاتيكان أي شعور مماثل . كل ما أردت قوله هو أن الفاتيكان الذي يحمل قدسيته لدى المسيحين يلقى منهم الاحترام والتبجيل والتعبير العملي عن تلك القدسية التي يحملونها له ، فيما نحن المسلمون نجرح قدسية حرمنا الشريف بذلك الطغيان المادي الذي تعبر عنه تلك الأبراج الشاهقة التي تطل على ساحة الحرم وتجرح المشاعر الروحانية التي تملأ صدور المصلين والطائفين فيه . تعليق القاريء الكريم حمل في طياته شيئا من المشاعر العدوانية للمسيحيين ، خاصة عندما قال أنه لا يرى وصفهم بالإخوة ، مع أني لم أسبغ عليهم هذا الوصف فيما كتبت . ومع ذلك ، فإنني أرى أن كل البشر إخوة في الإنسانية ، وخلافة الأرض وعمارتها مسئولية مشتركة حملنا الله إيانا جميعا بغض النظر عن ديانة ومعتقد كل منا . لا أعتقد أن مثل هذه المشاعر العدوانية يمكن أن تكون سبيلا للتعاون والتسامح ، ولا تقدم حقيقة الصورة المشرقة التي تحملها رسالة الإسلام السمحة . أنا لم أعرف هذا القاريء ، فهو لم يضع اسمه على التعليق . ومع ذلك فإنني أرجو أن أفتح معه نقاشا جادا حول هذا الموضوع ، وحول رؤيتي للطابع المادي الذي أصبح طاغيا على عمارة الحرمين الشريفين ، وهو الشعور الذي تأصل في نفسي عندما رأيت صور مشروع توسعة الحرم المكي الشريف التي أعلن عنها قبل يومين ، والتي رصدت لها ميزانية تبلغ 80 مليار ريال . فأنا لم أجد في تلك الصور تلك اللمحة الروحانية التي يحملها المبنى القديم ، وخاصة وأن عقده قد تمت ترسيته بالتكليف المباشر لمقاول احتكر كل مشاريع الحرمين الشريفين ، ، وخاصة وأن استشاري المشروع يعمل تحت حماية وزارة المالية دون ترخيص رسمي بالعمل في هذه المهنة ، وخاصة وأن تلك المليارات تجاهلت تطوير المحيط المتهالك للبنية العمرانية والطرق والساحات المحيطة بالحرم . أنا لا أشكك هنا في النوايا ، ولكنني أعترض على الأسلوب الذي لن يؤدي إلى النتيجة التي نرومها في الحفاظ على قدسية المكان وروحانية الموقف .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق