التجميل

الخميس، 11 أغسطس 2011

اليوم 198

اصطحبت زوجتي وأبنائي بعد صلاة عصر اليوم في جولة على بعض المعالم والمواقع التاريخية في المدينة المنورة زرنا فيها مسجد قباء ومسجد القبلتين وموقع غزوة أحد ومقابر شهدائها . مثل هذه الرحلة تمثل تحديا أمام أبنائي لاختبار كم المعلومات التي تختزنها ذاكرتي المزدحمة عن تاريخ هذه المواقع والأحداث في سيرة النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام . وأحمد الله أني أحمل كما لا بأس به من المعلومات التي تلقفتها من والدتي رحمها الله وكتب السيرة النبوية ، وهو ما لا تضمه مناهج التعليم في مدارسنا . مشهد هذه المواقع بالعموم كان يفتقر إلى الحد الأدنى من التهيئة والتجهيز لمرتاديه ، فبخلاف المساجد المعروفة التي يرتادها الناس للصلاة فيها طلبا للأجر ، فإن المواقع التاريخية مهملة أيما إهمال ، ولا يستطيع زوارها أن يحصلو على أية معلومات عن تاريخ تلك المواقع سوى من بعض الأفراد غير الؤهلين أو المدربين على الإرشاد السياحي . موقع غزوة أحد على سبيل المثال كان مزدحما بالباعة الجائلين الذين يعرضون بضائعهم الرخيصة على زوار الموقع الذي يفتقر إلى أبسط متطلبات التهيئة السياحية . فلا ممرات مناسبة للمشاة ، ولا دورات مياه عامة ، والمرافق الوحيدة في الموقع كانت عددا من المكاتب لمقرات هيئة الأمر بالمغعروف والنهي عن المنكر وهيئات الإرشاد والتوعية الدينية . بحثت عن أية لوحات أو كتيبات إرشادية تشرح للزورا تاريخ المنطقة ، أو أسماء الصحابة الأجلاء الذين تضمهم تلك المقابر ، فلم أجد شيئا من هذا القبيل . بعض المجموعات من الزوار كان يرافقهم مرشدوهم الخاصين الذين أتو معهم ليروو لهم قصص تلك الأحداث الهامة في تاريخ الدولة الإسلامية . تساءلت حينها عن الدور الذي يفترض بهيئة السياحة أن تقوم به في هذا المجال ، وهي التي غابت تماما عن الموقع ، حتى من مكتب بسيط للإرشاد السياحي . أعلم أن هناك شيئا من الحرج من مصطلح السياحة الدينية نتيجة مقاومة بعض المؤسسات الدينية لهذا المصطلح ، ولكن ما كنت أبحث عنه هو شيء من أنشطة السياحة التاريخية ، خاصة في هذه المواقع التي تحمل مخزونا هائلا من الإرث التاريخي الذي يسجل نشاة الدولة الإسلامية في بداية عهدها . تذكرت حينها تلك الجولة التي زرت فيها مبنى الكولوسيوم في روما ، وتلك التجهيزات الرائعة التي كانت تتيح للزوار كثيرا من المعلومات عن هذا الموقع ، بما فيها أجهزة التسجيل التي تشرح تلك المعلومات بعدد كبير من اللغات . تساءلت حينها ، إلى متى ستبقى مواقعنا التاريخية تعاني هذا الإهمال ، في الوقت الذي لا زالت هيئة السياحة تغوص في دراساتها وأبحاثها طيلة عشر سنوات من عمرها دون أي أثر ملموس على أرض الواقع . وإلى أن تصحو هذه الهيئة من سباتها العميق ستظل هذه المواقع على حالها المزري ، وسيبقى زوارها محرومين من تجربة كان يمكن أن تحقق كثيرا من العوائد المجزية على كل المستويات .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق