التجميل

الأحد، 14 أغسطس 2011

اليوم 201

موضوع لجنة تسوية المنازعات المصرفية الذي تحدثت عنه الأسبوع الماضي أثار كثيرا من ردود الأفعال والاستغراب من طبيعة الإجراء الذي كان قد أفادنا به سعادة سكرتير اللجنة من ضرورة رفع الأمر إلى المقام السامي لتلقي الإذن بالنظر في الشكوى ، حتى أن بعض من أبدو استغرابهم هم من المنتسبين للقطاع البنكي وحتى مؤسسة النقد . وبعد مزيد من التمحيص والاعتراض والنقاش مع المسئولين في اللجنة ، وتدخل بعض الإخوة على سبيل الفزعة ، تبين أن ذلك الإجراء المستغرب هو إجراء صحيح ومنصوص عليه ضمن إجراءات اللجنة وفق آليات عملها التي نص عليها قرار المقام السامي من الأساس . أحد الإخوة الذي يكرمونني بقراءة هذه المدونة كان قد أشار علي بإثارة الموضوع على صفحات الجرائد من منطلق أن هذا الإجراء يمثل إشغالا للمقام السامي عن أمور أكثر أهمية ينوء بها كاهله . وكنت حينها قد أبديت بعض التخوف من ردود الفعل على مثل هذا التصرف ، وخشيت أن تطال مشكلتي يد التعقيد انتقاما من نقد لا يروم إلا التصحيح والتطوير . ما تبين لي اليوم أوضح لي أن الخلل ليس في طريقة عمل اللجنة ، ولا في موظفيها الذين ما كانو يعملون إلا وفق توجيهات عليا تحد من صلاحياتهم . ولكن الخلل هو في طريقة صياغة الأنظمة والإجراءات والتشريعات ، وهي التي غالبا ما تتم وفق مفهوم درء الشبهات ، وتفترض سوء النية في الجميع ، حتى في الموظفين الذين يقومون على تنفيذ هذه الإجراءات كما هي الحالة التي أعيشها مع هذه اللجنة . المشكلة أن الدور الذي تقوم به وزارة المالية تشوبه في كثير من الأحيان حالات من تعارض المصالح وفرض رؤية غير محايدة . وفي هذه الحالة ، فإن هذا النظام يمثل نمطا من أنماط الحماية للنظام البنكي ومؤسساته التي ترتع في ظل حماية الوزارة ومؤسسة النقد . وبذلك ، فإن أي مواطن يريد حفظ حقوقه ، والتشكي من أية ممارسات ظالمة من أية مؤسسة بنكية ، فإنه لا يجد أمامه سوى هذه اللجنة المكبلة بإجراءات بالغة التعقيد ، في الوقت الذي تترفع الجهات القضائية التقليدية عن التعاطي مع هذا النوع من القضايا والخلافات ، بحكم تباين النظرة الشرعية لهذه المؤسسات البنكية ، والحماية التي وفرها النظام لهذه المؤسسات من تلك المسارات القضائية الشرعية . وإلى أن يرى مشروع تطوير القضاء النور ستظل هذه اللجان القضائية المستقلة تعمل بهذا النمط الحمائي للمؤسسات التي تختص بالنظر في قضاياها ، وما للمواطن المسكين إلا طلب الصبر والسلوان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق