التجميل

الأحد، 21 أغسطس 2011

اليوم 208

تأخرت اليوم عن كتابة هذه السطور إذ لم أصل إلى المنزل إلا الآن بعد قضاء عدد من المشاوير في ازدحام الرياض الرهيب في ليالي رمضان . ومع أني كنت أحمل بعض الأفكار التي كنت أود الكتابة عنها ، إلا أنني فوجئت بالأخبار التي كانت تعرضها قناة الجزيرة حول بدء ملامح سقوط طرابلس . الأخبار في هذه اللحظة تتحدث عن دخول الثوار معظم أحياء طرابلس ، واعتقال اثنين من أبناء القذافي ، وإلقاء معظم الكتائب أسلحتهم مستسلمين للثوار، بما فيها الكتيبة المسئولة عن حماية القذافي . هذه الحرب بين أبناء الشعب الواحد كانت على مدى الأشهر الخمسة الماضية مدعاة للحزن والأسى على دماء بريئة سالت هباء بسبب الطغيان والتمسك بالسلطة . وفي ذات الوقت كانت محطات أخرى تعرض مقتطفات من حديث متلفز للرئيس السوري يتحدث فيه عن مبادرات إصلاحية هامة ستتم على مدى الأسابيع القلية القادمة . لا أدري إن كان الحدثان مرتبطان ، وإن كان الرئيس السوري قد رأى بأم عينيه مآل الطاغية الآخر في ليبيا فخشي على نفسه ذات المصير وقرر تقديم مبادرات أكثر جدية وأكثر قربا من مطالبات شعبه . ولا أدري أيضا إن كانت هذه المبادرات ستجد القبول من شعبه الجريح بعد كل تلك الدماء التي سالت على شوارع وطرقات المدن السورية . و لا أدري كيف يمكن أن يستمر هو ونظامه في الحكم حتى في ظل التشريعات والأنظمة الجديدة التي أعلن عنها . على أية حال ، اليوم هو يوم نقلة جديدة في تاريخ إحدى الدول العربية ، وهي دولة عانت الأمرين من القمع والكبت الذي جرها إلى موقع سحيق من التخلف ، وباتت تقبع في موقع خلفي وراء بقية الدول العربية المتخلفة أساسا عن ركب العالم المتقدم . لو أن الثوار انتظرو عشرة أيام فقط حتى بداية شهر سبتمبر لكانو قد حققو نجاح ثورتهم في ذات التاريخ الذي نجح فيه ذلك الانقلاب الذي قاده هذا الطاغية قبل اثنين وأربعين عاما . المهم الآن أن يكون هذا التاريخ بداية لعصر جديد من نهضة هذا البلد ، وأرجو الله أن يكتب لهم حالا أفضل من الحال التي أراها في مصر ، والتي أخشى عليها من هذا الصراع السياسي الذي يجتاح أبناءها ولا أدري إلى أين سيؤول بها وبهم . نجاح الثورة التونسية والمصرية والآن الليبية ليس مقياسه إسقاط الأنظمة وحسب ، ولكن الأهم من ذلك هو بناء مستقبل زاهر يعيد تاريخ العروبة الذي بات ذكرى في كتب التاريخ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق