التجميل

الجمعة، 19 أغسطس 2011

اليوم 206

أزمة خادمات المنازل تتفاقم كل عام في شهر رمضان المبارك ، وذلك انسجاما مع تزايد مهام الطبخ والنفخ وعمليات التدسيم والتسمين التي يختص بها هذا الشهر . لم نكن في العادة نعاني من تبعات هذه الأزمة ، ليس فقط لأننا لسنا من هواة الأكل في هذا الشهر دون سواه ، وليس لأن فطوري المعتاد لا يتجاوز بعض التمر وشيئا من السمبوسة والفول وحسب ، ولكن لأن هذه المرة ربما تكون الأولى التي نقع فيها ضحية احتيال خادمتنا التي غادرت على وعد بالعودة ولم تفعل . ولأنها غادرت بتأشيرة خروج وعودة فإن النظام لا يسمح بإصدار تأشيرة بديلة إلا بعد انتهاء مدة تأشيرتها الأصلية ، وانتظار شهر كامل قبل التقدم بطلب إصدار تأشيرة العمل . وإلى أن يتم ذلك لم يكن أمامنا سبيل إلا اللجوء للخادمات غير النظاميات لتقديم العون لزوجتي لحين التمكن من استقدام خادمة نظامية . مرت الأيام العشرة الأولى من الشهر ونحن في رحلتنا بين مكة المكرمة والمدينة المنورة فلم تحتج زوجتي إلى عون في المطبخ إلا بعد عودتنا إلى الرياض ، فتكثفت الاتصالات وجولات البحث التي كشفت لي كثيرا من المعلومات عن هذا العالم التحتي . لم أصدق أذني عندما علمت أن رواتب هؤلاء الخادمات تخطت 4000 ريال ، أي أكثر من الحد الأدنى لأجور الموظفين السعوديين في كادر الخدمة المدنية . وليلة البارحة بلغنا خبر كان كطوق النجاة ، فقد اتصلت إحدى المخبرات بزوجتي لتبلغها بوجود خادمة جاهزة للعمل وبراتب 2400 ريال . اتصلنا بمدير أعمال الخادمة ، وأتممنا الاتفاق معه على كل التفاصيل بما فيها عمولته وأجر سائق الأجرة الذي سيوصل الخادمة إلى منزلنا . احتفينا وأبنائي بوصولها مساء أمس ، وخاضت زوجتي معها جولة من التحقيق والتحري للتعرف على إمكاناتها . أغرب ما قالته هذه الخادمة الحبشية أنها لا تحمل أي تصريح للإقامة ، وأنها أتت من الحبشة إلى المملكة في قارب مع مجموعة من المتسللين غير الشرعيين كأولئك الذين نسمع عنهم وهم يتسللون من سواحل شمال أفريقيا إلى سواحل أوروبا . لم أتوقع أن يصل الحال بتجارة البشر لدينا إلى هذا الحد ، ولست أدري لماذا تضمحل قدرات أجهزة وزارة الداخلية في تصيد مثل هؤلاء المتخلفين والمستللين غير الشرعيين ، والذين يديرون تجارة يمكن أن تتخطى حدود خدمة المنازل إلى منزلقات أكثر خطورة ، وتبرع في الوقت ذاته عندما يتعلق الأمر بأحد المشتبهين في إحدى قضايا الإرهاب أو الأمن الوطني ، وكأن هذه الظاهرة لا علاقة لها بالأمن الوطني . المهم الآن أن يدوم علينا وجود هذه الخادمة كيفما كان ، على الأقل إلى أن نتمكن من استقدام خادمة نظامية تكفينا شر تلك الشبكات المنظمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق