سعيت منذ ليلة البارحة إلى كبت مشاعر الحزن التي أصابتني بعد ذلك الموقف الذي وقع من شخص رد على اتصالي به للتهنئة بالعيد بالصد والشتم ، إذ لم أرد أن أنقل ذلك التشويه الذي أصاب فرحة العيد في نفسي إلى أبنائي وأفراد أسرتي . أحد الإخوة قال لي كلمة كانت بردا وسلاما على نفسي ، حيث قال أنني قمت بالأمر الصواب بغض النظر عن رد الفعل الذي واجهته ، وأنني ربما سأكون محملا بتأنيب الضمير بقية حياتي لو لم أقم بهذه المبادرة ، أما الآن وبعد ما حصل فسأكون مرتاح الضمير واثقا من أنني فعلت كل ما يمكن فعله لتجاوز هذا الخلاف . في الصباح اصطحبت أبنائي لأداء صلاة العيد في أحد مساجد الرياض ، فاكتملت راحة نفسي حينها عندما رأيت فرحة الناس وبهجة الأطفال . في المسجد كان المشهد غريبا بعض الشيء بالنسبة لي ، خاصة بالمقارنة مع ذلك المشهد الذي اعتدت عليه في المسجد النبوي الشريف . لا شيء يجمع المصلين سوى المناسبة والقبلة التي استقبلوها ، فالكل يكبرون كل بمفرده ، بدلا من تلك التكبيرات الجماعية الجميلة التي تذاع في الحرم النبوي . الكل كانو يأتون ليأدو الصلاة وينسلو إلى بيوتهم ، بدلا من ذلك الجو من التآخي وتبادل التهاني وزيارة البقيع التي كنت أعيشها في الحرم النبوي . في انتظار الصلاة عشت رحلة من الذكريات في أجواء العيد أيام الطفولة ، بما فيها مشاهد صلاة العيد بمشاعرها الروحانية الخاصة ، والزيارات المتبادلة بين الأهل والجيران ، والألعاب والمراجيح التي كانت تنصب في الحواري والشوارع ، وموائد الإفطار التي كانت تمد بعد الصلاة بعد أن نتوقف في طريق العودة من الحرم لشراء خبز التميس الحار . قضينا الصلاة وعدنا إلى المنزل وتبادلنا التهاني فيما بيننا ، ثم أوى كل منا إلى فراشه وكأن العيد قد انقضى . مر اليوم ولم يطرق بابنا زائر ، ولم نزر أحدا في المقابل ، ويبدو أن رسائل الجوال قد أوفت بالمهمة وأراحتنا من عناء الزيارات . كل ما بقي من العيد هو اجتماع المصلين لأداء الصلاة وشيء من البهجة التي نراها على وجوه الأطفال بلبسهم الجديد عندما يتلقون المعايدات والهدايا ، فبهم يبقى العيد عيدا بعد أن اختفت مظاهره وراء أسوار المنازل والاستراحات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق